ليست المشكلة فقط في استخدام المنابر من أجل تحقيق نجاح مبهر للحملات الانتخابية، أو لنيل أكبر عدد من أصوات المصلين المؤمنين الذين يتوافدون على بيوت الله للصلاة ليجدوا الخطيب أو الإمام أو ربما القيم أو عامل النظافة المسئول عن رعاية المسجد وهم يروجون لمرشحين بعينهم!
وليست المشكلة فقط في اعتبار المساجد والجوامع والحسينيات في البحرين أمكنة مباركة تتحقق فيها الآمال… إن المشكلة أيها الأعزاء، تكمن في حرمان الناس من أن يتخذوا قراراتهم بكل استقلالية وثقة بالنفس… إن المتتبع للأمور السيئة التي يقوم بها البعض في المساجد والجوامع والكثير من دور العبادة يلحظ أنها أمر يتنافى مع الخلق الإسلامي.
فلا يمكن اعتبار الأعمال المحبوكة للنيل من الاستقرار الاجتماعي من خلال بث السموم الطائفية أمراً مقبولاً في بيوت الله، ولا يمكن تحمل خطب الجمعة النارية التي تلهب مشاعر الناس تجاه اخوانهم (ومواطنيهم) في البلد بسبب الانتماء الطائفي تارة تحت عنوان منع صلاة الجمعة وتارة تحت عنوان تحريف القرآن وتارة تحت عنوان التحريض على كراهية ولاة الأمر، وعشرات المرات تحت عناوين التكفير والتفسيق… ولا يمكن تحمل خطب أو محاضرات ولو بالهمز واللمز للصحابة أو للتابعين أو للحديث عن موضوعات تاريخية عفا عليها الزمن…
المنابر اليوم، ليست مصدر خوف لأنها توجه الناس التوجيه الحقيقي… نعم، ليس عيباً أن تتناول خطب الجمعة قضايا الناس المعاصرة، وليس خطأ أن تتناول المحاضرات الحسينية معاناة الناس وما يجيش في نفوسهم، ولكن العيب أن نعلم الناشئة والشباب التصويب الخاطئ في فهم الآخرين والإستماع اليهم والتحاور معهم، فما يقوم به بعض الخطباء وبعض الأئمة من شحن طائفي وتأليب للشباب والصغار المساكين، هو أمر سينقلب أول ما ينقلب على أصحابه، ثم على المجتمع الذي ما فتئ يعاني من الويلات.
مجتمعنا صغير، وهو في حاجة الى المنابر الصادقة المخلصة التي تعمل للبناء لا للهدم والتدمير