سعيد محمد سعيد

المنابر!

 

ليست المشكلة فقط في استخدام المنابر من أجل تحقيق نجاح مبهر للحملات الانتخابية، أو لنيل أكبر عدد من أصوات المصلين المؤمنين الذين يتوافدون على بيوت الله للصلاة ليجدوا الخطيب أو الإمام أو ربما القيم أو عامل النظافة المسئول عن رعاية المسجد وهم يروجون لمرشحين بعينهم!

وليست المشكلة فقط في اعتبار المساجد والجوامع والحسينيات في البحرين أمكنة مباركة تتحقق فيها الآمال… إن المشكلة أيها الأعزاء، تكمن في حرمان الناس من أن يتخذوا قراراتهم بكل استقلالية وثقة بالنفس… إن المتتبع للأمور السيئة التي يقوم بها البعض في المساجد والجوامع والكثير من دور العبادة يلحظ أنها أمر يتنافى مع الخلق الإسلامي.

فلا يمكن اعتبار الأعمال المحبوكة للنيل من الاستقرار الاجتماعي من خلال بث السموم الطائفية أمراً مقبولاً في بيوت الله، ولا يمكن تحمل خطب الجمعة النارية التي تلهب مشاعر الناس تجاه اخوانهم (ومواطنيهم) في البلد بسبب الانتماء الطائفي تارة تحت عنوان منع صلاة الجمعة وتارة تحت عنوان تحريف القرآن وتارة تحت عنوان التحريض على كراهية ولاة الأمر، وعشرات المرات تحت عناوين التكفير والتفسيق… ولا يمكن تحمل خطب أو محاضرات ولو بالهمز واللمز للصحابة أو للتابعين أو للحديث عن موضوعات تاريخية عفا عليها الزمن…

المنابر اليوم، ليست مصدر خوف لأنها توجه الناس التوجيه الحقيقي… نعم، ليس عيباً أن تتناول خطب الجمعة قضايا الناس المعاصرة، وليس خطأ أن تتناول المحاضرات الحسينية معاناة الناس وما يجيش في نفوسهم، ولكن العيب أن نعلم الناشئة والشباب التصويب الخاطئ في فهم الآخرين والإستماع اليهم والتحاور معهم، فما يقوم به بعض الخطباء وبعض الأئمة من شحن طائفي وتأليب للشباب والصغار المساكين، هو أمر سينقلب أول ما ينقلب على أصحابه، ثم على المجتمع الذي ما فتئ يعاني من الويلات.

مجتمعنا صغير، وهو في حاجة الى المنابر الصادقة المخلصة التي تعمل للبناء لا للهدم والتدمير

سعيد محمد سعيد

الكهوف السوداء… حيث الزهور تموت!

 

«القرار بيدك»… هو شعار الحملة الوطنية الشبابية الثانية للوقاية من المخدرات والتي بدأت يوم العاشر من شهر مايو/ أيار وتستمر حتى يوم السبت المقبل الموافق 19 مايو الجاري، ولأن قرار لا يمكن لأي شاب أن يتخذه مفرداً – خصوصاً حين يكون أسيراً في قبضة المخدرات اللعينة – فإنه يحتاج في هذه الحال الى من يعينه… ولذلك، رفع الشباب شعاراً فرعياً آخر ليقولوا للجميع… من مدمنين ومتعافين وطلاب وعمال وموظفين ومشاركين في الحملة: «كلنا وياكم».

في الأماكن المخيفة، في حظائر ومزارع مهجورة، وكذلك في فلل فخمة ومزارع وقصور منيفة، تتحول المشاهد الى كهوف سوداء حيث تموت الزهور النضرة… تفقد رونقها ومرآها الأخاذ لتتحول الى بقايا رماد… هم أولئك الشباب الذين يذهبون في لحظة… ضحية لتلك السموم القاتلة… المخدرات.

في العام الماضي 2005، فقدت البلاد أكثر من 40 شخصاً معظمهم من الشباب في عمر الزهور، لقوا حتفهم بسبب تعاطي المخدرات، ولسنا هنا ننكر ظاهرة تعاطي المخدرات والاتجار بها وعمل العصابات التي تتاجر وتكون الثروات من هذه التجارة الآثمة، ولا نستطيع أن ننكر مشاهد كثيرة نراها في بعض المدن والقرى والأحياء السكنية… مجموعات من الشباب اجتمعوا على فعل مشين… تعاطي المخدرات!

ولكن المشكلة، ليست في مجرد حملة انطلقت قبل موعدها بوقت كثير… فلأن العالم كله يحتفل باليوم العالمي لمكافحة المخدرات في السادس والعشرين من شهر يونيو/ حزيران من كل عام، فإن الرسالة التي يتوجب ارسالها كل يوم هي: «مازلنا في حاجة الى تعليق اجراس الإنذار… مازال الكثير من الشباب يموتون في بلادنا بسبب تعاطي المخدرات… ولاتزال تلك السموم تدخل لتهددنا جميعاً… وما زلنا في حاجة الى حائط الصد القوي».

لقد كانت جهود وزارة الداخلية في مجال مكافحة المخدرات مؤثرة، على رغم الصعوبات التي تواجه العاملين في مكافحة المخدرات بسبب تعقد شبكة الاتجار في المخدرات وتداخلها ومهارتها في تنفيذ تكتيك العمل، لكننا اليوم، وأكثر مما مضى، في حاجة الى أن يكون الشباب والناشئة، هم الحائط الأول.

هذه هي الحملة الثانية، ولكنها لن تكون الأخيرة قطعاً، وحتماً سنواصل معاً وكلنا وياكم، ونقول لكل شاب وشابة لاتزال تجري في دمه بضع سموم: «قراركم بيدكم»