سعيد محمد سعيد

ومن الحسرة ما قتل!

 

منذ أن كنا صغاراً، كنا ننظر الى الجماعة «الخواجات» الشقر الذين يعملون في البحرين. وأكثر ما كان يلفت نظرنا هي تلك السيارات الغريبة العجيبة الفارهة. ففي الوقت الذي نرى فيه أباءنا يدفعون مع عدد من الجيران سياراتهم كل صباح (دكة) لتشغيل المحرك، لا سيما في فصل الشتاء حين تكون (الماكينة باردة والبطارية نائمة)، وفي الوقت الذي تتعطل فيه الكثير من أمور الحياة اليومية بسبب سوء سيارة العائلة، كنا نتمنى أن تكون لدينا سيارة كهذه. لا كتلك التي هناك. أو لتكن تلك الحمراء بلون دم الغزال. سيارات فارهة وبعضها رياضية مميزة وبداخلها واحد أشقر أو واحدة شقراء.

كبرنا ومازلنا نرى الشقر في السيارات الفارهة. هذا يعني أن الوظيفة التي يعمل فيها أولئك محترمة، والراتب ضخم كبير من دون شك، والأكثر من ذلك أن بعض الشركات والمصارف والمؤسسات تشتري سيارة خاصة لذلك الأشقر أو لتلك الشقراء، في حين يصعب على المواطن شراء سيارة نقداً، وإن قدر له ذلك، فلن تكون من نوعية تلك السيارات الفخمة! فالراتب المسكين يستغيث والجيوب هي الأخرى تندب حظها.

المراد من ذلك كله، والسؤال الذي يفجر فينا الرغبة للمعرفة أكثر: «هل هناك وظائف وتخصصات، في يومنا هذا، لا تزال حكراً على الشقر ولا يوجد بحرينيون متخصصون فيها؟ هل هناك وظيفة أو تخصص لا يستطيع البحريني اتقانه؟ واذا عدنا ونظرنا الى وظائف الخواجات الشقر التي يتقاضون عليها رواتب خيالية، سنجد من البحرينيين العدد الجيد من المتخصصين في التخصص ذاته، لكنهم إما يعملون في مجالات غير تخصصهم، أو يعملون بدرجات أدنى من الموظف الخواجة الاشقر».

ليس الموضوع موضوع سيارة فارهة فاخرة، بل هو تقدير الكوادر الوطنية التي يحق لها أن تعيش في رفاهية، فما الذي يحدث حين ينتهي عقد ذلك الموظف الأشقر الذي يتقاضى راتباً يصل الى (2000) دينار على سبيل المثال وكمتوسط أجر، يحل محله ابن البلد البحريني براتب (جان فيه خير) يصل الى 1000 دينار! ولن يكون في مقدوره استخدام سيارة الأشقر أو فيلته ذات المسبح الجميل والحديقة الغناء، بل ولربما لن يستطيع الجلوس على مكتبه الوثير… حتى بعد رحيله