«ليس في وسع أحد التصدي للغرباء أو الملثمين أو أفراد العصابة. ما من أحد يأمن على حياته منهم. فغداً، قد يحرقون سيارته وربما بيته، وربما تعرض هو وأفراد أسرته لهجمة ما مثلها هجمة. لندع الأمر الى رجال الأمن وهم ثقة. قوات الأمن هي وحدها القادرة على ردعهم».
تلك العبارة، غالباً ما تطلق حينما يوجه سؤال الى أي منا عن السبب في ترك «العصابات الصغيرة» كما نفضل تسميتها، تثير الخراب والدمار في القرى، أمام سكوت وتردد العدد الكبير من الرجال والشباب الشجعان الأقوياء! وعادة ما تجر الإجابة، إجابات أخرى فرعية تدور في فلك الخوف من أولئك المجهولين. ومن يكونون؟ وربما يكونون مسلحين بأسلحة أخرى يستخدمونها في حال واجههم الأهالي.
لكن كل ذلك، يجعلنا أمام نقطة حساسة للغاية. فتلك الحوادث التي بدأت بحرق الإطارات والحاويات وانتقلت بسرعة الى حرق سيارات رجال الأمن والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، تنفذها عصابات صغيرة من دون شك، وهذه العصابات المجهولة، لن تنكشف بجهود رجال الأمن وحدهم الذين أصبحوا هم أيضاً عرضة للهجمات بالدرجة الأولى وكأننا نتحدث عن «عصابات» جاءت من العراق لتنفذ المخطط ذاته. فهناك يهاجم الإرهابيون رجال الحرس الوطني والأمن قصداً، وهنا، يقع رجال الأمن في كمائن أولئك المجهولين!
الأمر غريب للغاية، لكن، ليس من نافلة القول أن ما يحدث سيعرض الجميع لألسنة اللهب في يوم ما لا نريده أن يأتي. وعلى ذلك، أصبح الدور الشبابي اليوم، مهماً أكثر من السابق، بل هو لا يتطابق مع الدور في حوادث منتصف التسعينات، لأن المطالبة آنذاك مشروعة وتختلف عن حرائق اليوم الإجرامية، ما يستدعي أن يكون شباب القرى (ومعظمهم من الرياضيين الشجعان) أن يثبتوا رجولتهم ووجودهم أمام أولئك، وحدث ذلك فعلاً في قرى الدراز والسنابس والبلاد القديم وفي سترة أيضاً.
وإذا كان وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، اطلق تصريحه أمس من باب المسئولية، ولم يغفل أبواب الحوار الهادف ورفض ما يمكن وصفه بالخروج على الإجماع الوطني، وإذا كانت جمعية الوفاق الوطني الإسلامية دعت بكل وطنية وشجاعة المواطنين لتجنب الاشتراك في مثل هذه الممارسات الفاقدة لكل الموازين الشرعية والوطنية والبعيدة عن الأطر السلمية، فإن هناك دوراً مهماً لشباب القرى، على الأقل، نلقم الأفواه التي تشكك في ولاء ووطنية الشيعة تحديداً