سعيد محمد سعيد

الموضوع المكرر

 

يشير البعض، الى أن الكثير من الكتاب في صحافتنا المحلية أصبحوا يعيدون الكتابة في الموضوع ذاته، وهذا ليس عيباً طالما أن الموضوع يتطلب الطرح المستمر لأهميته، ولا ضير اطلاقاً من معالجته – ايضاً – من نواح أخرى.

وفعلا، كتبنا كثيراً في موضوع التحشيد الطائفي في بلادنا على سبيل المثال، وتكرر هذا الموضوع لاعتبارات أهمها أن من أخطر النوازل والبلايا التي تهدد استقرار مجتمعنا الصغير ذلك الحشد الطائفي الذي أصبحنا نراه ونعيشه ونسمعه ونشاهد فصوله ليل نهار في بعض الأيام… بل قل يوماً بعد يوم! ما ينبئ بأن الأمور ليست على ما يرام إن ترك الحبل على الغارب.

تتصفح الصحف فتقرأ مقالات وتقارير وأخباراً و… حتى بعض الخواطر والأشعار التي تفوح منها روائح الطائفية.

تحضر ندوة هنا أو محاضرة هناك فتعيش في بعض الأحيان حالا من الاضطراب بسبب الطرح الطائفي. تستمع الى أشرطة وخطب ومحاضرات فتجد نفسك وسط أسلوب جديد لنشر الفتنة الطائفية. تراقب الجدران من حولك فتقرأ ما يجعلك ترتعش: إما خوفاً أو غضباً أو صدمةً بسبب ما تحوي من أنفاس طائفية. تتصفح بعض المنتديات والمواقع فتجد الرؤوس الطائفية البغيضة هي التي تطل أولاً. بيانات ومنشورات وكتيبات أنيقة جميلة الألوان راقية الطباعة… لكنها للأسف طائفية.

تحشيد طائفي مخيف ذلك الذي نعيشه في بلادنا… أليس كذلك؟

هناك أسباب أخرى يدخل فيها أداء بعض النواب وأسلوب تعامل بعض المرافق الحكومية وأنشطة التوظيف، لكن الصحف أولاً وبعض الخطباء أو المحسوبين على التيار الديني ثانياً هما سبب تردي الأوضاع! فلو سألت أي مواطن عن مصدر حصوله على المعلومة التي اوغرت صدره سيخبرك إما عن قراءتها في صحيفة أو سماعها في (دار عبادة)!

يتفنن البعض اليوم في تنفيذ أسلوبه في التحشيد الطائفي، والأغرب من ذلك، أننا لا نجد سلطة قانونية تحاسب من يثير الطائفية. فماذا يعني ذلك؟

يعني باختصار، أن هناك أطرافا تشعل الفتيل، ولديها القوة، لكن قوة لا يجب أن تكون أشد من قوة القانون

سعيد محمد سعيد

لعبة «الحية»!

 

اذا جاز للناس الاستمتاع بلعبة الحية، ذات المربعات الكثيرة والمفاجآت المذهلة، والقرارات الصارمة التي تلزم اللاعب على رغم أنفه بالتقيد بها، فلن يجوز لهم – قطعاً – اعتبار كل المتغيرات حولهم في حياتهم اليومية، وكأنها لحظة من لحظات تلك اللعبة المثيرة، التي لا يتقنها الكثيرون، وأنا أحدهم.

يعني، ليس من باب المفاجأة، أن تنشر صحيفة من صحفنا خبراً يقول: «لابد من القبض على الثعبان الضخم الذي التهم قطيع الماشية في وضح النهار، وحال القبض عليه، يتوجب على الجهات المعنية فضحه أمام الناس، فهذا النائب يقول كذا، وهذا الحقوقي يؤكد كذا، وتلك المواطنة المسكينة تقول كذا وكذا!»، ثم تأتي (الجهات المعنية) تالياً لتعلن في بيان خطير… خطير: «بشأن ما نشر بجريدتكم الغراء بتاريخ (…) وحرصا من (…) على ايضاح الحقائق للرأي العام والتزاماً منها بمبدأ الشفافية فإنها تورد الحقائق التالية (…)».

ما هذا أيها السادة الأعزاء في النيابة العامة؟ كيف وقعتم في هذه السقطة البالغة الخطورة؟ بإعلان بيان بأسماء (متهمين) مرفقة به صورهم؟!

ليس هناك من يعارض القانون، وليس هناك من يرفض أن يقدم للمساءلة القانونية أولئك الملثمون المجهولون (المدمرون) الذين يحرقون الأخضر واليابس، لكن بعد استيفاء كل الشروط القانونية والحقوقية للمتهم… إلى أن تثبت ادانته، أو أن تبرأ ساحته!

الملثم، أياً كانت طائفته أو مذهبه أو حجمه صغر أم كبر، ليست تهمته بأنه (ملثم والسلام)، بل ملثم يسعى الى ضرب الأمن والاستقرار في المجتمع وتأزيم الوضع، ومتى ما ثبت عليه ذلك، وجبت محاكمته محاكمة عادلة لإثبات التهم عليه ثم لن يعترض أحد على نشر اسمه وصورته. لقد تفضل بعض الزملاء الأعزاء وتطرقوا إلى هذه النقطة، لكن النقطة التي أود إثارتها هنا، هي رسالة قصيرة موجهة الى الجميع؛ لقد بدأت الموضوع بالحديث عن لعبة «الحية»، واذا كان هناك من يريد اللعب على تلك الرقعة ليعيد الناس من مربع الى مربع ليصل الى (مربع أمن الدولة)، كما حدث مع اعلان القبض على الملثمين، فإن نتيجة اللعبة لن تكون سارّة، لأن دولة القانون والمؤسسات، ليست مجرد شعارات بل ممارسة. ويا لها من فضيحة حين يتجاوز القانون… أهل القانون

سعيد محمد سعيد

حقوق المواطنة… مرة أخرى

 

بعيداً عن تصريحات البشر. (كائن من يكون ذلك البشر رئيس دولة أو فقيراً معدماً في بقعة ما من أرض الله الواسعة)، فإن الانتماء، كما يقول الباحث العربي غالب الفريجات في بحوثه القيمة في موضوع المواطنة والانتماء، هو حال وطنية لا شعورية تتم تغذيتها بالتربية، ولابد أن تكون لدى كل انسان، حتى أنه من الممكن أن تكون لدى كل كائن حي يشعر بارتباطه بالوطن الذي ولد فيه وترعرع.

وفيما بين المواطنين لا يجوز تجريد أحد من حال الانتماء هذه، لأنه ليس لأحد الادعاء بها دون سواه، وليس من حقه أن يجردها عن الآخر ايا كان هذا الآخر، إلا إذا قام هذا الآخر بما يتنافى مع هذه الحال، كما في العملاء والجواسيس والخونة، الذين لا انتماء لهم، عندما يقفون في خندق الاعداء على حساب الوطن تحت أي مبرر كان في ضوء القاعدة التي تقول إن الجاسوس أو الخائن لا وطن له، كما أنه ليس من العدل في عملية فرضها على طرف أو اطراف هم في واقع الأمر يملكون هوية وطنية تتعرض للالحاق أو الالغاء، كما هو في الممارسات الصهيونية ضد الهوية الوطنية الفلسطينية.

ولكن بالضرورة ان تتوافر لمثل هؤلاء حال من الانتماء المزدوج، كأن يتم التزاوج فيما بين انتمائهم للوطن الذي يعيشون على ارضه ويملكون حقوق مواطنيه وعلى وجه الخصوص السياسية إذا كان وطنا عربيا لأنهم في هذا يتوحدون مع المواطنين الاصليين بالانتماء القومي، ما يعني واجب الدفاع عن الوطن الذي يتمتعون فيه بالحقوق السياسية في حال تعرض هذا الوطن لأي عدوان خارجي من دون أن يفقدهم حقهم في الانتماء للوطن والهوية الاصلية التي سلبت منهم.

المواطنة تتمثل في ارتباط الإنسان بوطن، ومن حق كل إنسان يعيش على بقعة أرض أن يملك حقوق المواطنة على هذه الأرض في ضوء القوانين المرعية لادارة هذا الوطن، على ألا تكون قد جاءت باطار فوقي أو اغتصابي، والمواطنة لها وجهان لا ينفصلان: حقوق وواجبات، فعلى كل مواطن أن يقدم ما يترتب عليه من حقوق لهذا الوطن، وعلى القائمين على صناعة القرار فيه أن يفوا باحتياجات هذا المواطن، والتي قد تكون في صورة تعاقدية ما بين النظام السياسي والمواطنين في وثيقة الدستور، ولكنها ليست تلازمية، بمعنى أن أي تقصير في توفير الاحتياجات والمصالح من جانب النظام السياسي لابد أن تقابله ممانعة أو معارضة في تقديم الواجبات المنوطة بالمواطنين، إلا من خلال استخدام الانظمة والقوانين كحق التظاهر السلمي والعصيان المدني، والسعي إلى التغيير بالوسائل والطرق الديمقراطية

سعيد محمد سعيد

يا حكومة: عاقبيهم وعاقبينا!

 

كل شبر على تراب هذا الوطن الطاهر أصبح مصاباً بمقتل بسبب ما يسمى اليوم في صحافتنا وإعلامنا وأحاديثنا ومقالاتنا وقراراتنا وتصريحات مسئولينا وأمنياتنا واخفاقاتنا وحرماننا وأوجاعنا وآلامنا… يسمى اليوم بين قوسين (الطائفية)!

يا حكومة ماذا تنتظرين؟ عاقبيهم!

عاقبي من يتحدث باسم الوطن وينهش في جسد الوطن فلا يجد لحماية نفسه ومكتسباته وأملاكه وترفه وولعه بجمع الذهب والفضة والاحتفاظ بنصيبه ونصيب طائفته من الكعكة إلا (الطائفية) طريقاً للكيد والتنكيل والتحريض.

عاقبيهم لأنهم لن يكونوا صادقين أبداً… وما خفي كان أعظم.

ثم يا حكومة… عاقبينا!

ولم لا؟ فكل من تتلوث يداه بظلم مواطن وحرمانه من حقوقه والتحدث بصوت الطائفة والجماعة، ويتعمد التخطيط لإثارة المزيد من النار الطائفية العالية اللهب الشديدة الوهج.

يا حكومة… لا يخفى الوضع على من له لب ومن القى السمع وهو شهيد… فكل مواطن يتحدث مع أخيه المواطن الآخر عن الطائفية… وهذا مواطن يتناقش بحدة مع أخيه المواطن عن الطائفية… وهذا شيعي يزور سنياً ليدور حديث طويل ثم تدخل الطائفية… وهذا سني، يدخل مأتماً ليقدم واجب العزاء فتطل الطائفية… وهذا عالم، فاضل، جليل، محترم، ينفش ريشه على منبر ليهاجم الطائفية بجزء من لسانه وقلبه، ويمارسها بعيداً عن المنبر بالجزء الآخر.

حتى الكتاب، صاروا يشككون في بعضهم بعضا حينما يكتبون عن الطائفية… فيكتب كاتب هنا مقالاً ينتقد فيه ممارسة طائفية فيرد عليه كاتب هناك ليتهمه بأنه أصلاً طائفي! فيغضب الأخير ليسوق قائمة من المبررات والدفوعات التي تبين أنه ليس طائفياً، بل الطائفي هو من اتهمه بهذا.

وبين كل ذلك الوجع، ينتشر ما ينتشر من مرض بين ضلوعنا وسيأتي اليوم الذي سنبحث فيه عن الدواء، ولن نجده

سعيد محمد سعيد

لن نحرق… لكننا سنطالب

 

تمنى البعض، ومحدثكم واحد منهم، أن يمتلك الشفرة السحرية التي تحول الشر إلى خير، والباطل إلى حق، والدموع إلى ابتسامات، والألم إلى أمل، والموت إلى حياة. لكن ذلك مستحيل، فهيهات أن تتقدم الأمنيات والأحلام على مؤشرات الواقع والحقائق. تمنينا ونحن نستمع إلى حديث وكيل وزارة الداخلية الشيخ دعيج بن خليفة آل خليفة ومحافظ الشمالية أحمد بن سلوم والكثير من الأهالي الذين مثلوا مختلف قرى المحافظة في اللقاء الذي استضافه مجلس المحافظة يوم أمس الأول (الثلثاء)، ألا يقع أحد في أتون النيران المشتعلة هنا وهناك بلا سبب في غالبها… تمنينا ألا يقع شاب واحد في أحضان (النار)، مهما كانت سماكة لثامه وقوة عضلاته وشديد بأسه. ولسنا وحدنا الذين نتمنى، فنحن ندرك أن هناك الآلاف من المواطنين الذين يتمنون ألا تعود أيام شقاء منتصف التسعينات بكل صورها الأليمة، وكذلك الحال بالنسبة لهؤلاء الملثمين، الذين ارتبطت بهم «الوسط» ارتباطاً واضحاً حينما فتحت ملف «الملثمون» حتى ظن البعض أن المسألة لا تعدو كونها «حركة مسرحية»، حتى مع نهاية السلسلة التي استضفنا فيها مجموعة منهم ولم نرغب في نشر الصور والأسماء على رغم موافقة المجموعة على ذلك. ليست المسألة «حركة مسرحية» بقدر كونها خطوة وطنية لإيصال صوت غائب لم يجرؤ أحد على تمثيله بالصورة التي مثلته فيها «الوسط».

كان لقاء الأهالي بالمحافظة الشمالية، يعكس اتفاق المواطنين، بأن العمل الذي يندرج تحت مسمى «الأعمال الخارجة عن القانون» ليست هي القاعدة، إنما هي الاستثناء طبعاً، لكن الأمنية الكبرى هي أن تنتهي مثل هذه الأعمال، وأن تستمر المطالب الدستورية المشروعة مهما كان صنفها. والثقة كبيرة في أن الحكومة ستستمع لمطالب الناس المشروعة وستفتح صدرها وأذنيها وستكون صريحة وواضحة كما كان لقاء الشيخ دعيج بالأهالي، واضحاً وصريحاً ومباشراً، وهذا ما نرغب في أن نؤسسه كقناة للتواصل بين المواطن والمسئول

سعيد محمد سعيد

رؤوس أطفال في «كارتون»!

 

في كثير من الملفات السرية تجد العجب العجاب، وخصوصاً تلك ذات الطابع الأسري. ففي الوقت الذي تدور فيه رحى قانون الأحكام الأسرية، ويشتعل الأوار بين مؤيد ومعارض، ومراقب ومتجنب، تدور أيضاً المشكلات في بعض البيوت لتصل الى أقسام الشرطة ثم الى النيابة العامة ثم الى المحاكم، لتضيع الأسرة و«يتبهدل» أفرادها.

اليوم، وطبقاً للنظام المتبع بين الزوجين المنفصلين، فإن الالتقاء بالأطفال يتم في المراكز الاجتماعية، خلافاً لما كان في السابق إذ كان الزوجان المنفصلان، يلتقيان بأطفالهما في مراكز الشرطة. وجاء النظام الجديد حفظاً لأمور كثيرة منها خصوصية الحالة والاعتبار الى نفسيات الأطفال والآباء والأمهات. لكن، ومع شديد الأسف، فإن القصص التي تدور في تلك المراكز هي في حد ذاتها مصائب!

لنأخذ هذه القصة: يرفض الأب إحضار الأطفال للالتقاء بوالدتهم التي انفصل عنها، وعلى رغم صدور الأمر القضائي ودعوة المكتب المختص بالمركز الاجتماعي لذلك الأب بضرورة احضار الأطفال في اليوم المحدد للالتقاء بوالدتهم، فإن الأب يرفض باستمرار، وكان يستخدم عبارة لا يقولها إنسان عاقل إطلاقاً: «اذا ارادت أن ترى أطفالها فسأحضر لها رؤوسهم في كارتون»!

وهذا الكلام، لم لا يصدق! لم يكن سراً خطيراً من الصعب اكتشافه، بل قاله أمام الموظفة المعنية بالمركز الاجتماعي، وما يزيد الأمور صعوبة، أن هناك من الآباء من يعرض الأطفال للإهانة والتهديد والإرهاب النفسي والتعذيب الجسدي اذا ما رغب أحدهم أو فكر في رؤية والدته المطلقة!

لكن يبدو أن هناك جهة ما… لا ندري من هي، لا تستخدم الحزم والصرامة مع مثل هذه الأمور. لتصبح هذه القضايا واحدة من قضايا كثيرة مهملة في مجتمعنا، لكن بودنا أن نستمع الى ما يمكن أن تقوم به الشئون القانونية بوزارة التنمية الاجتماعية لتصحيح هذا الوضع الخاطئ

سعيد محمد سعيد

التشكيك في ولاء الشيعة…من السر إلى الجهر!

 

لم تكن تصريحات مبارك الأخيرة بشأن الواقع الانتمائي للشيعة ومفهوم الوطنية لديهم هي (الفجيعة) التي ما سبقتها فجيعة بالنسبة الى الشيعة أنفسهم وبالنسبة الى الملايين من الإخوان السنة. إذ كانت مثل هذه المواقف في السابق كثيرة، بل تستعصي على العد ربما، لكنها كانت سرية ومبطنة، وربما كان مبارك من أكثر المعتنقين لفكرة التشكيك في ولاء وانتماء الشيعة لأوطانهم، غير أن في هذا الأمر تبرز حقيقتان واضحتان؛ أولاهما: بروز الصوت الدفاعي من الشيعة عن الدفاع عن انتمائهم لأوطانهم وولائهم لها، وثانيتهما: بروز الصوت المتشفي والحقيقي لمبارك ومعه طبعاً مسار كبير في الوطن العربي مثله النائب جاسم السعيدي، فبين مبارك والسعيدي اتفاق تام في الفكرة، حتى وإن كانت خطأ أو لنقل (حتى لو كانت محدودة الصحة ولا تعدو كونها صورة من الصور الكثيرة لممارسات بعض المواطنين في كل دول الخليج والعالم العربي).

المهم، أن مبارك قال قولة من مقولاته الشهيرة، وهي لا تتجاوز حدود الكثير من المقولات التي أطلقها في شرق العالم العربي وغربه، والأهم أيضاً، أن السعيدي انتهز الفرصة ليقنع الناس، كل الناس وأولهم الشيعة هذه المرة، أنه ليس (طائفياً) كما كان يقول ويؤكد ويكرر ويصرح، حتى جاء تصريحه وكأنه شاشة تلفاز (أسود وأبيض)!

وعلى رغم ما قاله مبارك والسعيدي وأمثالهما، فإن حكومات دول الخليج، لم تترك، منذ حقبة الثمانينات، هذا الموضوع يسري على (عواهنه)، فهناك دلائل عدة تؤكد وطنية وولاء الشيعة لأوطانهم وقد تحدث عنها الكثير من المراجع الكرام ومنهم السيد محمد حسين فضل الله، لكن يتوجب على الشيعة في كل الدول العربية، ولا سيما في دول الخليج، في جزء خطير ومهم، الالتفات الى ممارسات البعض (نقول البعض) الموالية ولاءً كلياً لإيران وغيرها، ثم الانتباه أيضاً الى ترسيخ مفهوم المواطنة الذي بصراحة ليس موجوداً في عقول البعض!

فاتفاق مبارك والسعيدي على أن ولاء العرب الشيعة لإيران هو ولاء مرجعي وليس سياسياً هو أمر صحيح، ولا يجب أن تأخذنا هنا الحمية والحنق بعيداً عن الواقع.

ثم بودنا أن نسأل مبارك سؤالاً: «يموت المصريون حباً في السعودية، ويحلمون بالسفر اليها والاتصال بمشايخها في البرامج الفضائية، فهل يعني هذا أن ولاء المصريين للسعودية؟!»

سعيد محمد سعيد

في الكوارث… لكل الأطراف حقوق

 

في المؤتمر الدولي السابع والعشرين للصليب والهلال الأحمر الذي عقد في جنيف في الفترة من 31 أكتوبر/ تشرين الأول حتى 6 نوفمبر/ تشرين الثاني العام 1999، اعتمد الأعضاء خطة عمل من أجل تحسين الرعاية والحماية التي توفر لضحايا النزاعات المسلحة والكوارث وإلى أشد الفئات ضعفاً عموماً.

وفي الفقرة الأولى من البند الثاني من الخطة، تم التركيز على الاستجابة الناجعة لحالات الكوارث من خلال تحسين التأهب الوطني والدولي وتقوية آليات التعاون والتنسيق بين الدول والهيئات الإنسانية ووضع الأحكام المتعلقة بحقوق كل الأطراف.

وشمل ذلك البند توصيات منها وضع خطط وطنية للتأهب للكوارث أو تحديثها، إذ تتضمن روابط، كلما اقتضت الحاجة، بالنظم الدولية للتأهب للكوارث كما تتضمن أدوار ومسئوليات الجمعيات الوطنية على نحو محدد بوضوح ومتفق عليه بما في ذلك التمثيل بشأن السياسات الوطنية الملائمة وهيئات التنسيق، والبحث في مواطن الضعف التي تشوب نظمها المتعلقة بالاستجابة لحالات الكوارث والأضرار الناجمة عنها واتخاذ خطوات لضمان استمرار العمل بهذه النظم على نحو فعال وذلك من خلال تلبية الاحتياجات الناجمة عن الكوارث، ولأن الكوارث تقع من دون سابق إنذار، فإن حركة الصليب والهلال الأحمر شددت على أهمية العمل على تعزيز قدرات التأهب بما في ذلك زيادة وعي المجتمعات المحلية والدعم المقدم لها، على الصعيدين الوطني والدولي استجابة للأنماط المتغيرة للمخاطر والضعف ومن خلال الدروس المستقاة من التجارب المكتسبة خلال العقد الماضي، بما في ذلك تلك التجارب المتعلقة بإطار العقد الدولي للحد من الكوارث الطبيعية، وبالنسبة إلينا في البحرين، بعد حادثتين أليمتين هما حادثة طائرة الإيرباص 320 وحادثة بانوش الدانة، فإن من المفيد مع تقدير الجهود التي بذلت من دون شك، البحث في مواطن الضعف لتعزيز الاستجابة واتخاذ الخطوات والنظم الكفيلة بتحقيق التجاوب الفعال من خلال تكامل العمل في الأجهزة الحكومية المختلفة

سعيد محمد سعيد

صديق الحرامي… حرامي!

 

جلس الاثنان يتحدثان بصوت عال، واشتد النقاش وحمى الوطيس حينما قال الثاني للأول: «لماذا تدافع عن (حرامي)؟ اسمح لي أن أقول لك إن صديق الحرامي… حرامي! ويبدو من دفاعك عن (فلان) الحرامي الكبير، وتبريرك لمواقفه اللصوصية المتعددة أنك صديقه أيضاً ولذلك، فأنت حرامي».

لم يتمالك الأول نفسه فقال محاولاً التظاهر بالهدوء وعدم الاكتراث: «الله سبحانه وتعالى أدرى بسرائر الناس، لكني لم أدافع عن حرامي وإنما دافعت عن إنسان سرق لأنه جائع، ومد يده على بعض النقود في العمل لأنه في حاجة إلى شراء دواء لوالدته المريضة، واضطر إلى (أخذ) بعض الأجهزة من أحد المخازن لاستخدامها في منزله المتهالك الذي يخلو من مكيف وثلاجة صغيرة وجهاز تلفزيون، واضطر ذات يوم لسرقة باب مسجد مصنوع من الألمنيوم ليبيعه ويقضي بالمال دينه… هكذا هو… معتاز!!».

قال محدثه: «يبدو أننا ظلمناه كثيراً… لابد لي من أن اعتذر لك عما قلت! فلم يسرق ذلك الإنسان ولم يمد يده على حرام ولم يتجاوز حدوده ولم يأت بفعل يخالف الدين والشرف والأعراف… مسكين، لم أكن أعلم بحاله! لكن على أي حال، لم تقصر أنت وشرحت الموقف وعرفنا أنه لم يسرق إلا لحاجة وهذا يكفي لتقديم العذر له».

«لكن (يكمل حديثه) لا شك في أن هناك الكثير من الأمور يجب أن يعرفها أهل الديرة، فالحرامي، ليس مجرماً في كل الحالات… بل ربما كان يتمتع بوطنية عالية ونحن لا ندري… فالذي يمد يده مثلاً على الأموال العامة ويسرق من المشروعات والمناقصات ويتفنن في سحب (الفلوس) من هنا وهناك، وذلك الذي يتعمد الإضرار بالمواطنين من خلال التلاعب في الرسوم والتزوير، وأولئك الذين يعبثون بالمشتريات فيرفعون سعر جهاز لا يتعدى العشرين ديناراً مثلاً، إلى 120 ديناراً لأن المال سيأتي من الحكومة ولا مانع من التلاعب… كل أولئك يمكن اعتبارهم أبطالاً في نظر البعض، إذ وجدوا أنفسهم مضطرين… مضطرين، للسرقة»!

لكن، حدث العاقل بما لا يليق… فإن صدق فلا عقل له

سعيد محمد سعيد

حسناً فعلتم…

 

ابلى مجموعة من الشباب والشابات بلاءً حسناً عندما اندمجوا في وظائف وأعمال مختلفة، سواء مع بدء تنفيذ المشروع الوطني للتوظيف أم قبله. أبلوا بلاءً حسناً عندما تحملوا الكثير من الويلات، وصبروا على ظروف عمل مختلفة وتنقلوا بالتدريج من وظيفة الى أخرى أفضل منها، والأكثر من ذلك، أن البعض منهم واصل تعليمه الجامعي وهو يعمل بكل صبر. فهذه الصور، هي التي تؤكد حقيقة راسخة من أن شباب البحرين، من ذلك المعدن، هم الذين يمتلكون القدرة على مواجهة الصعاب واثبات أنفسهم رغماً عن الآخرين.

فئة أخرى من الشباب، لم تواصل سيرها الحثيث، فالبعض تهاوى أمام أول تجربة عمل تحت ظروف صعبة، وأجور متدنية، وآخرون هربوا هروباً لافتاً من التمييز والطائفية، حتى في القطاعات التي عملوا فيها بعض الوقت، وفئة ثالثة لم تجد بداً من تفضيل النوم حتى الظهيرة على العمل في مجمع تجاري أو محطة محروقات أو في شركة صيانة.

ومن قال إن الشباب، أولئك الذين وجدوا أنفسهم في حال من اليأس، لم يكن لهم أي عذر؟ نعم، كانوا معذورين وهم يتسلمون تلك الرواتب الهزيلة، أو يعيشون تحت وطأة ظروف عمل سيئة وبيئة عمل لا تتوافر فيها أبسط حقوق العمال ثم بعد ذلك، نجد من يتسلط عليهم ليذلهم في لقمة عيشهم.

حسناً فعل أولئك الشباب الذين تحملوا الظروف الصعبة، وفي نيتهم (يوم الخلاص) الذي سيتخلصون فيه من كل ذلك الثقل القسري ومصاعبه وهمومه، ليجدوا أنفسهم وقد فتحت لهم أبواب الحياة ليثبتوا وجودهم فيها.

كل ما تقدم كلام خواطر فلسفي عاطفي على ما يبدو، أما وقد وضع عاهل البلاد المفدى الشباب في قائمة (الأهداف) التي يسعى الى تحقيقها، فلابد أن المستقبل أمامهم سيكون مفتوحاً: بلا قيود ولا تحطيم ولا تمييز ولا مشاعر قسرية تفتك بقدراتهم