إذا أردت أن تصاب بحالة من الانتكاسة النفسية الشديدة، فما عليك سوى التحدث مع بعض الموظفين في قطاعات مختلفة… حكومية كانت أم خاصة، ولا تسألهم عن الراتب و(حجمه) فهذا الموضوع أصبح قديماً… ولا تسألهم عن الترقيات والدرجات، فتلك (فلتة) وقى الله الموظفين شرها… ولكن اسألهم عن حقوقهم وعن تعامل كبار ومتوسطي وصغار المسئولين معهم واجمع من القصص ما تشاء… املأ جيوبك وسر على بركة الله!
قال أحدهم: أردت أن أكون كبش فداء، لأجل عيون زملائي في العمل… فأنا شاب حديث التخرج والفرص أمامي كثيرة حتى وإن كانت خلاف ما أتمنى… وهم آباء وعليهم مسئوليات منزل وأسرة… لكن ما هي القصة؟ القصة تدور حول شخصية المدير الذي لاهم له سوى التنكيل بالموظفين وإطعامهم العلقم منذ الصباح الباكر حتى المساء، والأصعب منذ ذلك، أنه يكتب التقارير السيئة حتى عن الموظفين المجدين!
المهم، قررت أن أكون الرجل الذي قال (لا)، والكلام لمحدّثي، إذ جاء ذات يوم ضمن جولته اليومية الاستفزازية، والتي لا يتركها حتى وإن كان عزرائيل يعالج آخر سكراته… فجاء صارخاً معترضاً على أداء الأسبوع الماضي والذي كان بحسب وصفه أسوء من (خيشة فحم)، فما كان مني إلا أن وقفت وتكلمت معه بهدوء في بادئ الأمر، وعندما وجه لي السؤال: «ألا تعرف من أنا؟»، قررت أن أقولها… «لا… فلست أخافك، ويكفي أن أخاف الله»… وما تفعله أنت لا يرضي الله اطلاقاً، فاتق الله في هؤلاء الموظفين.
هاج وماج وخرج وهو يكرر: «زين… زين… يصير خير!»، واستدعاني لمكتبه حتى يحكي حكاية طويلة حول كيفية وصوله الى هذا المنصب و… و…»، فلم أجب إلاّ بكلمة واحدة: تستاهل ما أعطاك الله، لكن لا تتفلسف! وهنا هاج من جديد ليقول: اعتبر نفسك منقولاً إلى قسم آخر… وهذا ما جرى.
وليست قصة هذا الموظف هي الوحيدة، فهناك العشرات، إلا أنه بالنسبة إلينا في البحرين، فيتوجب علينا أن نعرف متى نقول (لا)… فهي في محلها وفي وقتها تصبح نافعة، وحتى نتعلم كيف نكون إيجابيين حتى في أسوأ الظروف