إذا سلمنا بأن هناك أوجه تقصير متعددة، وجوانب إخفاق وأخطاء ما ارتبطت بكارثة البانوش (الدانة)، فهذا لا يعني أنه لم تكن هناك جهود يلزم ذكرها بالثناء، ومحاولات جيدة في مرافق وأجهزة حكومية ومبادرات أهلية هي في الواقع محل إعجاب الكثيرين، ولعل أولها وأبرزها، العمل الإعلامي – تلفزيونياً وصحافياً – الذي جعل المواطنين والمقيمين، من داخل البحرين وخارجها في اتصال مباشر مع الحدث. غير أن الجانب الإعلامي هو ما يلزم التركيز عليه إذا شئنا الحديث عن الشفافية وحق الناس في الحصول على المعلومة… لقد كانت وزارة الداخلية – على سبيل المثال لا الحصر – في موقع المثال الطيب الذي غيّر الفكرة القديمة القائمة على حجب المعلومات ومنعها عن الإعلاميين، فكان المسئولون بالوزارة، بدءاً من رأس الوزارة، وهو وزيرها، مروراً بالمسئولين والضباط الذين شاركوا في المؤتمرات الصحافية، على قدر كبير من التعاون لتقديم المعلومات في حينها… ولسنا هنا نتحدث عن نوعية تجربة مبشرة فحسب، بل عن تطبيق فعلي لتزويد الناس بالمعلومات عبر أجهزة الإعلام من جانب الوزارة.
وزارة الإعلام، ممثلة في هيئة الإذاعة والتلفزيون، قدمت عملاً تشكر عليه، ونقلت من موقع الحدث صوراً وتقارير ولقاءات مباشرة، والتقت أيضاً أطرافاً متعددة، وساهم ذلك في ضخ كميات كبيرة من المعلومات التي سببت في بعض الأحيان تضارباً، وفي أحيان أخرى، مالت نحو معلومات غير دقيقة تتعلق بملابسات الحادث الأليم، وهو أمر ما كان يجب أن يمر وخصوصاً أن هناك لجنة تحقيق رسمية، تتولى الوقوف على التفاصيل والأسباب. لكن وسط كل هذا العمل، لم يستمع الجمهور إلى صوت طرف رئيسي في الحادث وهو صوت الشركة المالكة للبانوش… فعلى رغم أن البث المباشر والمتتابع ليلة الحادث، سمح للناس فرصة الاستماع إلى مالك البانوش، عبدالله عيسى الكبيسي، إلا أن ما بعد تلك الليلة، وفي المؤتمرات الصحافية المتعددة، غاب صوت ذلك الطرف المهم!
وهنا يأتي السؤال: لماذا؟ ففي الوقت الذي تحدث فيه المسئول الأجنبي بالشركة التي استأجرت البانوش من مالكه في مؤتمر صحافي وأتيحت له الفرصة للمشاركة والتحدث عن الحادث، لم تتح هذه الفرصة لمالك السفينة البحريني للحضور والتحدث للإعلاميين! وبعيداً عن المسوغات والتبريرات، التي قد نجد بعضها مقبولاً وبعضها الآخر مرفوضاً، كان لابد من إتاحة الفرصة لكل طرف للتحدث تماماً كما يحق للمتهم، بريئاً كان أم مذنباً.
إن كم المعلومات المتضاربة، والاتهامات من طرف ضد طرف، تلزم، موضوعياً ومن باب الإنصاف والحيادية، منح هذه الفرصة الثمينة لأي طرف مهم، فهذه المعادلة تعتبر جزءاً مهماً من مهمات الإعلام الموضوعي، حتى يتمكن كل طرف من الإدلاء بما لديه من معلومات في مثل هذه الحوادث الأليمة