سعيد محمد سعيد

إلى أي معسكر تنتمي؟

 

اليوم يوم جمعة، وهو يوم مبارك فيه الكثير من الفضائل، ولأنه يوم إجازة، فإن الكثير من القراء يفضلون قراءة الصحف وقت الضحى، أو بعد العودة من صلاة الجمعة – نسأل الله أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال – في استراحة الغداء.

ولا شك في أن تلطيف الأجواء بين الأهل والأصدقاء والخلان أمر محبب في مثل هذه الأيام… فيكفي الناس تذوق مرارة أيام العمل والضغوط النفسية والبدنية. ولذلك، لن أتحدث عن موضوع (المعسكرين) المنتشرين بين البعض بأفكار تثير الضحك تارة والقلق المزعج تارة أخرى سببها سذاجة تفكير البعض وسوء تحليلهم… لن أتحدث عن هذا الموضوع الذي أعجبتني في أجوائه نقطة واحدة: وهي أن الكثير من القراء، من الطائفتين الكريمتين، عبّروا عن امتعاضهم واستيائهم من التأويلات السلبية التي تصدر من أي كان، فقط من أجل تعكير صفو الناس دونما تأمل في النتائج.

عموماً، دعونا نلطف الجو بالحديث عن بعض معسكرات هي الأكثر انتشاراً في المجتمع البحريني، وهي معسكرات في الواقع جميلة ومؤنسة للنفوس وليس فيها شيء من تثقيل النفوس وتربية الأطفال والنشء على الحقد والكراهية:

– معسكر ويل بالانس: وهو معسكر يلتقي فيه الفنيون من مختلف الجنسيات، وهم متخصصون في تصليح الإعوجاج الذي يصيب إطارات السيارات (الرنات)، وفي مقدورهم أيضاً تصليح الإعوجاج الذي يصيب أرجل البعض فيجعلهم يسيرون بالمقلوب.

– معسكر أبو جوزة: وهو معسكر ينضم إليه الكثير من محبي اللوز والجوز، وهو يعنى بتدريب الناس على تحديد نوعية الأشياء من منطلق المثال القائل: «مو كل مدلقم جوز»، والتدريب ينصب على جعل المشاركين يتقنون النظر والسمع والتحليل والاستنتاج.

– معسكر أم الشوك: وهو كسابقيه، ملتقى للأصدقاء والأحبة والعشاق، لكنه يجمع عينات معينة من الناس الذين كثيراً ما يتعرضون للهفوات والسقطات ليدربهم على كيفية المشي في دروب مليئة بالشوك من دون أن يتضرروا فيكتسبوا مهارات التعامل مع أشد الأشواك وخزاً وحرارة وتأثيراً في الجسد.

– معسكر الطبل: وهو معسكر يجتمع فيه الكثير من المغفلين والسذج! ومن مميزاته أنه يساعد الناس الذين يعانون من البلاهة ويتعرضون للإهانات والشتائم (روح يالطبل… تعال يالطبل)… هذا المعسكر مفيد للطبول والتنابل، إذ يزرع فيهم مهارات التعامل مع المواقف الغبية بحنكة عالية.

وهناك معسكرات متعددة، محلية وإقليمية، لكن هناك حاجة إلى تنظيم قانوني، وقبله قانون الضمير، حتى لا يأتي من يشاء ويسجل الناس في معسكرات كما يحلو له.

سعيد محمد سعيد

فزاعات!

 

حين يتحدث بعض المواطنين والمقيمين من عامة القراء – ونعني بهم أولئك غير المتخصصين في الإعلام – عن مستوى أداء بعض الصحف المحلية وصحافييها، فإنهم يباغتون المستمع إليهم وهم يحللون بعض النصوص الإخبارية والتقارير بل وحتى الردود أو التعقيبات ويكشفون (النزعة الخفية والمآرب الخلفية)، فيضعون اليد على بضع نقاط يجب على كل صحيفة محترمة أن تستحي منها… أو هكذا يجب!

المشكلة ليست هنا في دور (الفزاعة) الذي تقوم به بعض الصحف! المشكلة هي في الحكومة وفي المسئولين وفي متخذي القرار الذين يرتعبون خوفاً وهلعاً من تلك الفزاعة التي تقدم لهم خبراً – بلا مصادر ولا وثائق ولا معايير منطقية أصلاً – وربما ترتب على ذلك (الخبر المعلب سابقاً) عواقب ونتائج سيئة قد تصل الى إثارة نوع من الحساسية في العلاقات السياسية بين الدول، لا سيما في الأوقات التي تمر فيها المنطقة بوضع حرج يتطلب حنكة في التعامل الدبلوماسي.

زد على ذلك، أن استخدام اسلوب (بالونات الاختبار) لكثير من القضايا المحلية والاقليمية، لا يمكن أن ينجح في إعطاء معلومات استباقية أو تقييم تمهيدي مبني على الفزاعات الكاذبة، ولا شك في أن خبراً (بلا وجه ولا يدين ولا عيون ولا أذنين) كذلك الذي يشير الى تدخل دولة من دول المنطقة في شئون بلادنا عن طريق ارسال دعوات أو تذاكر سفر لعدد من الإعلاميين (المحددين) أو إرسال (كارتون طماط) أو (خيشة عيش) لعدد آخر منهم يدل دلالة قاطعة على نية مبيتة سوداء لتلك الدولة للتدخل في الشئون الداخلية فهو أمر مضحك… كيف يكون مضحكاً؟

أولاً – لا يعوز الدبلوماسية البحرينية، ولا النظام الاستخباراتي ولا الثوابت البحرينية التي تقوم عليها السياسة البحرينية أن تعتبر خبراً صحافياً مشلول اليدين والرجلين مصدراً لمعلومات خطيرة ومثيرة للقلق توجب تحركاً يدرأ الخطر.

ثانياً – لم تعد الأمور خافية اليوم، والكل يعلم ما تعنيه الإشارة الى إيران أو الى غيرها من الدول، وربط الشيعة في البحرين والخليج بكل شاردة وواردة وكأنهم مواطنون فعلاً يتبعون تلك الدولة كما يحلو لأصحاب الفزاعات الترويج له! ولم لا طالما هناك مئات الآلاف من العقول التي يمكن أن يدخلها التلفيق بسهولة.

ثالثا – وهو الأهم، أليست هناك جرأة في تقديم خبر صحافي صريح وجريء ومتكامل الأطراف من دون تخفي أو تورية طالما الأمر بهذا المستوى من الخطورة؟

لكننا نحمد الله أن لدينا قارئاً يحلل، ومسئولاً يقرأ بعض الأخبار ويسخر منها لأنها فعلاً (مهزلة)!

سعيد محمد سعيد

كيف تربي طفلاً «إرهابياً»؟

 

هل نملك الإجابة على تساؤل كهذا؟! فمن الذي يعرف طريقة مثلى لتربية طفل سليم من الناحية الجسمية والعقلية والتربوية والخلقية؟ ومن الذي يتقن أسلوب تربية طفل إرهابي؟

سؤال آخر: هل تذكرون قصة صبي عبث مع الشرطة في دولة خليجية مدعياً أنه إرهابي يريد تسليم نفسه؟ هذه القصة، ليست مجرد عبث صبياني كما يعتقد الكثيرون، أو هي مزحة عابرة فرضتها الظروف ودراماتيكا الموقف.

إن المسألة هنا، تكشف أول ما تكشف لنا ذلك التأثير الخطر الذي يتسرب الى عقول ونفوس الأطفال والناشئة سواء كان ذلك عبر مسلسلات كارتونية أو قصص أو ألعاب كمبيوتر أو من خلال الشخصيات التلفزيونية وكذلك الحال بالنسبة للتأثر بالمجموعات والعصابات الإرهابية. فحين يتأثر أولياء الأمور ببعض الرموز ويحلفون برأسها ويقدسونها ويبجلونها ليل نهار، يتغذى الأطفال على هذه الأفكار المخيفة شيئاً فشيئاً. مقتدين بأولياء أمورهم في هذا السياق!

وهناك جانب يثير في النفس الألم. كيف بالله يمكن أن ننظر الى طفل أو صبي تأثر بممارسات اجرامية من محيطه وتلبس بها حتى في مزاحه وكان الأجدر به أن يمارس طفولته أو صباه بكل ما فيها من براءة وانطلاق ونشاط واقبال على الحياة. لا على الموت والإرهاب والتقتيل والشرب من كأس الدماء الذي لا يمتلئ عند كثير من (دراكولا) الإرهاب!

حتى الآن، لايزال القطب الأقوى في هذا الأمر متهاوناً متلكئاً غير آبه… نقصد بهم علماء الدين الأفاضل من مختلف الطوائف وكذلك المعلمين والمعلمات.

بصراحة، أصبح الكثيرون يخافون حتى من مجرد الحديث لتوجيه الطلبة ضد ما يمكن أن يدخل تحت طائلة التحذير من الأفكار الخطرة ظناً منهم أن هذا الكلام قد يجعلهم محط اتهام بالتحريض على كره الدين وكره علماء الدين!

وكلنا يعرف، أن تأثير علماء الدين على الناس أكثر من تأثير أي طرف آخر، ولهذا تصبح مسئولية الكلمة والإرشاد والتوجيه، مهمة مقدسة لا يقوى على حملها إلا العالم العامل.

كانت كلمة الحق الموجهة لتحذير الأطفال والناشئة من التشدد والتطرف والعنف والقتل وانتهاج الوسطية تعتبر انتهاكاً للدين فلنسأل: أي دين هذا؟