سعيد محمد سعيد

دعوات لمِّ الشمل

 

الأخبار والتقارير والتصاريح الصحافية التي تحمل دعوات للمِّ الشمل بين المسلمين الشيعة والسنة سواء في العراق أو في منطقة «الشرق الأوسط» عموماً والخليج خصوصاً لم تتصدر الصفحات الأولى في الصحف يوماً ما كما تتصدرها اليوم.

إن قرأنا تلك الأخبار الواردة من العراق، سنجد العشرات من الدعوات المماثلة، وإن عرجنا على الوضع محلياً سنجد مثلها الكثير، وإن تجولنا في الصحافة الخليجية والعربية، فلن نعجز في قراءة هذه التصريحات التي تمثل في واقعها حالاً مرتبطة بمتغيرات سياسية واجتماعية، محلية واقليمية.

في العراق، تنطلق الدعوات من مختلف التيارات والقوى السياسية لمواجهة وضع دموي خطير، لعله يبدو في أبشع صوره الإرهابية التدميرية هناك، وفي البحرين، تلمع تلك التصريحات في الصحف وفي المقالات وفي اللقاءات والمنتديات والحوارات، وفي السعودية، وضع الحوار الوطني هناك بنداً رئيسياً للتلاقي بين مكونات المجتمع، لكن المتتبع لتلك التصريحات، سيصدم بحال من اللاصدقية في تحقق المنشود على أرض الواقع! لماذا يا ترى؟

هل النوايا المبطنة حيناً والشعارات غير المعلنة حيناً آخر هي السبب في اضفاء صفة «اللاصدقية» على هذه الدعوات؟ وإن كنا نفترض حسن النية وسلامة الشعار، واتفاق أبناء الأمة على العنوان العريض، الرمزي والديني والاجتماعي للوحدة، فلماذا تصطدم التحركات بأسفين خطير وصلب يخرجها عن إطارها الصحيح، فتستمر الدعوات… مجرد دعوات وشعارات، وتبقى الممارسات على أرض الواقع تنسف كل جهد حقيقي لتجعل المجتمع يسير على صفيح ملتهب؟

ولا يمكننا فهم عبارة «لمِّ الشمل» على أنها تعبير مطلق لحال من التفرق والخلاف التي يجب أن تتغير بناء على متطلبات المصلحة الوطنية، ولكن يمكن أن نفهم على أنها جزئية مؤثرة بشكل عميق في طبيعة واستقرار العلاقات داخل المجتمع.

ما حقيقة الوضع في البحرين؟ هل بلغنا مبلغاً من الورطة في التعاطي مع ملف الخلافات الطائفية حتى أصبحنا ننام ونصحو على صورة سلبية تتفاقم أبعادها يومياً لتصيبنا بالإحباط وخيبة الأمل؟

دائماً ما تلقى الكرة في ملعب علماء الدين من الطائفتين، وهذا أمر متفق عليه، فلأصحاب الفضيلة العلماء الدور الأكبر في التأثير على المجتمع، ثم يأتي بعد ذلك، أو قبله، دور الدولة في الحفاظ على العلاقات داخل المجتمع بالقانون، ولهذا، سنجد الآراء متفاوتة تجاه الضجة التي أثيرت بسبب لافتة رفعتها جمعية التوعية الإسلامية، سخّنت حولها المراجل وتصادمت الأصوات لتصل الى كل مسمع، وسنعتبرها تجاوزاً، صورة للافتة طائفية يجب أن تزال، وقد أزيلت فعلاً! لكن ماذا عن الكتيب الشهير الذي هو الآخر أضاف قنبلة طائفية، ولايزال يدور، فيما تدور – في الوقت ذاته – الإجراءات المتخذة حيال المتورط في توزيعه، داخل دهاليز غير مرئية.

وأد الطائفية بإزالة لافتة، يتطلب من باب العدل والإنصاف تقديم من كتب كتيب الطائفية ووزعه على المدارس للمساءلة القانونية… فهل تم ذلك من دون علم ال

سعيد محمد سعيد

فليحيا.. ساتيشوه!!

 

اذا قدر لنا أن ندخل الى أماكن العمل ومنشآته المختلفة، فسنشعر في بعضها أننا نعيش حالاً من التصادم الغريب الذي عرفه سوق العمل ولم يعرفه.. ألفه أرباب العمل والعمال ولم يألفوه… يمكن التعايش معه أو لا يمكن.. تلك حال التصادم بين المسئولين الأجانب وبين الموظفين والعمال البحرينيين.

في ملفات قسم العلاقات العمالية وكذلك في اضابير بعض النقابات وأدراج المسئولين عن شئون الموظفين في قطاعات مختلفة قضايا ملونة بألوان الطيف في هذا المجال.. ولعل البحرينيين، والحق يقال، هم أكثر من يقع عليهم الظلم في قطاعات العمل التي يسيطر على مناصبها الإدارية العليا الأجانب!!

ومع ذلك، فإن هناك من يصبر ويجاهد في عمله حفاظاً على لقمة عيشه وفي ذات الوقت، يصر على المطالبة بحقه بكل الصور المشروعة التي تجلب له هي الأخرى مزيداً من العذاب والألم.. أما الفئة الأخرى، فهم أولئك الذين يمسكون (زمارة) المسئول ويطعمونه وجبة شهية هي بمثابة (الفطور الأخير أو الغداء الأخير) مع ذلك المسئول.. فدون شك، سيخرج العامل أو الموظف من باب المؤسسة بلا رجعة، حتى وإن التقى الإثنان في مكتب ضابط الشرطة لاحقاً!!

يحكى أن مجموعة من الشباب البحرينيين، قرروا الوقوف في وجه (ساتيشوه)، وهو مسئولهم المباشر، وكان من بين الأمور التي لا يرتاحون لها هي القوانين والقرارات الوظيفية والإدارية التي يطبقها من جيبه!! فما معنى أن يعمل الموظف يوم اجازته على أن يقيس هو (ساتيشوه) حجم العمل ويقدر ما اذا كان يستحق العامل أو الموظف صرف عمل إضافي أم لا؟!

المهم، اجتمع الشباب في مكتب (ساتيشوه)، وأبلغوه أنهم في غاية السوء وأنهم سيرفعون الأمر الى وزارة العمل، وكانوا يعتقدون أنه سيكابر، لكنه قال: انتم ابناء البلد وانا ضيف ولكم ما تشاءون!! وبعد ذلك اعطاهم ما ارادوا فرفعوا شعاراً جديداً يختلف عن الشعارات السابقة: فليحيا ساتيشوه!!

ولو أن كل مسئول – بحرينياً كان أم أجنبياً – طيب خاطر العمال والموظفين باللين والكلام الجميل والتعامل القانوني.. لأصبح الجميع ساتيشوه!

سعيد محمد سعيد

ما لكم والمدارس؟!

 

بعض الناشطين، أو من يعتقدون أنفسهم ناشطين سياسيين، يشاركون في المحاضرات ويتقدمون المسيرات وينتدون ويتحدثون ويقدمون أوراق عمل في هذه الجمعية وفي ذلك الملتقى وأمام هذا المنتدى، هم في الحقيقة، وليسمحوا لي بهذه الكلمة، يورطون أنفسهم ويورطون المجتمع ببعض الأفكار التي يطرحونها!

وفي الواقع، لسنا نجد بداً من تكرار القول إن للجميع في هذه البلاد حق ابداء الرأي والمشاركة وطرح وجهات النظر المختلفة وتقديم الأبحاث والدراسات وأوراق العمل، على أن تكون ذات فائدة، وتحقق القصد بدلاً من أن تترك آثاراً سلبية لا يمكنهم ادراك مخاطرها.

الكثير من الناس، ومنهم شباب متعلمون ومثقفون، يجلسون في تلك الملتقيات صم بكم عمي! فمن النادر أن تجد صوتاً شاباً مثقفاً معترضاً على (الهرج الذي يطرحه ذلك المتحدث الجهبد)، وفي أحيان قليلة جداً تستمتع الى مداخلة علمية واقعية في الرد على (الأفكار العبطية التي ملأ فلان رأس الناس بها)، وربما من غير الملاحظ أن تجد نقاشاً حراً بين المحاضر والحضور عن نقاط هي لا تتناسب اطلاقاً مع المقام… فالموضوع في جهة، والمعلومات والقرائن والحجج واسلوب العرض الذي يقدمه أخونا في جهة أخرى!!

لم كل هذا العناء والشقاء؟ ما الذي يجبر البعض على الدخول في هذه المساحة طالما هم ليسوا أهلاً لها؟

رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، فإذا كنت أنا أعرف قدراتي وامكاناتي وحدودها فيفضل التعامل مع النفس أولاً على هذا الأساس!

وهذا النوع من الناس (الجهابذة) قليل، لكن لأن المجتمع صغير، ولأن الحراك الثقافي أحياناً نشط في مساحة جغرافية محدودة، نجدهم بكثرة.

هناك أسماء، لكن ما لنا والدخول في مناطق حساسة، لكن سأقدم مثالاً لأحد الناشطين (إياهم) يدعو الناس لمنع الطلاب والطالبات من الذهاب الى المدارس كطريقة احتجاجية… واشراك الطلبة – باعتبارهم شريحة حيوية ومهمة – في المطالب والأنشطة الاحتجاجية! هذا الكلام أثار حفيظة الكثير من المعلمين والمعلمات الذين استاءوا جداً من سطحية القول وسفاهة الفكرة لا سيما وأنه لم يبق على العام الدراسي الا القليل القليل… وإن ارباك العام الدراسي بمثل هذه الأفكار، هو إرباك لنشاط أهم من النشاط الذي يعتقده هو: استقرار أبنائنا الطلبة واستمرار تحصيلهم العلمي بهدوء أفضل من الرصاص الذي لا يصيب… لكنه، مع الأسف، يدوش، كما يقول اخواننا المصريون.

سعيد محمد سعيد

الوزير الكريم و… السيدة الكريمة!

 

ليس من السهل، في عالمنا العربي والإسلامي، أن يصل المواطن المغلوب على أمره الى وزير الداخلية أو الى أحد كبار المسئولين بالوزارة ليشكو همه أو ليرفع ظلامته أو ليطلب من الوزير أو المسئولين بالوزارة أخذ حقه الذي انتهك.

بل قل حتى المراسل وعامل الخدمات في مكتب الوزير هو من الفئات التي يصعب الوصول إليها لما له من وجاهة ورفاهة… هذه حقيقة، فليس من الهين أن يصل المواطن الى رأس هذه الوزارة، المحترمة والموقرة والمهابة في بلادنا العربية والإسلامية، ليطالب بحقه أو على الأقل، لينفس عما في خاطره.

استمعت إلى سيدة كريمة، من إحدى أمهاتنا الفاضلات، وهي تنقل رسالة شكر قصيرة إلى وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، عن طريق أحد أقاربها، فعلى رغم صعوبة الظرف والحدث المؤسف الذي شهده مجمع الدانة التجاري يوم (الجمعة) الماضي وما تبعه من أعمال عنف مؤلمة للجميع، استقبل الوزير تلك الأم لتشكو ظلامتها ولتشرح ظروفها وظروف ابنها المعتقل في حادثة المطار.

وليس من قبيل المداهنة أن نتحدث عن مثل هذه المواقف التي لم نعتد عليها في الحقيقة، والتي دفعت بعض الكتاب والصحافيين إلى اتهام وزارة الداخلية بأنها متهاونة مع مثيري الشغب وصانعي الفتنة بل وحاول البعض منها تأليب الدولة ضد وزارة الداخلية، وهم أنفسهم… وذاتهم، أولئك الكتاب الذي يتحدثون عن معالجة الكثير من الملفات بعيداً عن الهاجس الأمني، ويقدمون البعد السياسي والاجتماعي في التعامل مع تلك القضايا… المهم، أن الوزارة اثبتت لهم وللجميع أن الملفات الحيوية والحساسة لا يمكن التعاطي معها بلا بعد نظر.

نعم، لقد شهدنا الكثير من الاعتصامات والمسيرات المرخصة وغير المرخصة، وتابعنا حوادث ومصادمات تلت بعض المسيرات، وإذا كنا ومازلنا نؤكد مراراً وتكراراً على حق المواطن في التعبير عن رأيه، سواء كان ينتمى إلى جمعية أو حركة اسلامية (سنية كانت أم شيعية)، أو إلى أي تيار، إلا أنه من الضرورة بمكان التأكيد مجدداً على سلمية وحضارية النشاط المراد تنظيمه حتى لا نجر شوارعنا وقرانا ومجمعاتنا لحوادث عنف وعنف مضاد لا تحمد عقباها، ثم نجلس بعد ذلك نتبادل الاتهامات والمسببات والتجاوزات.

موقف الوزير يستحق التقدير، ليس منا فقط، ولكن من الأمهات وبعض المواطنين الذين انتهزوا فرصة ظرف ساخن ليطرحوا هم بدورهم طلبات ساخنة، وكانت رحابة صدر الوزير باعتباره المسئول الأول في هذه الوزارة كفيلة بأن تقدم نموذجاً لكل المسئولين في بلادنا، ومع توقع أصعب الظروف، بأن يتعاملوا مع المواطن برحابة صدر، حتى وإن كان مخطئاً… فللوزير ولهؤلاء النخبة من المسئولين كل الشكر، لأننا نريد أن نوصيهم علينا كمواطنين.

سعيد محمد سعيد

حقوق نساء الخليج

 

الدراسات التي يجريها بيت الحرية في الواقع، تعد نموذجاً يجب أن تعمل كل القطاعات البحثية في الوطن العربي طبقاً لأسلوبه، قبلنا به أم لم نقبل، اذ نتحدث هنا عن أسلوب البحث العلمي.

تلفت الانتباه تلك الدراسة التي اجراها عن حقوق المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقد كانت النتائج طبيعية من ناحية اكتشاف هوة عميقة في الحقوق والحريات بين الجنسين في كل دولة من الدول التي شملتها الدراسة، إلا أن المسألة ليست محصورة في هذه النقطة، فهناك جوانب أهم تتعلق بحقوق المرأة في منطقة الخليج تحديداً.

المشرفون على الدراسة قالوا إن هناك عجزاً كبيراً في حقوق المرأة في كل دولة شملتها الدراسة وهو ما ينعكس عمليا في كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع: في القانون، والنظام القضائي الجنائي، والاقتصاد، والتعليم، والرعاية الصحية، والإعلام، لكن المهم في الأمر أن الدراسة تطرقت إلى أن دولا كثيرة في المنطقة حققت تقدما بالنسبة إلى الموضوعات الخاصة بحقوق المرأة، فإن جميع هذه الدول أخفقت في بعض المجالات. وبترتيب الدول على أساس ما حصلت عليه المرأة من حقوق قانونية وسياسية وأمن وحرية شخصية، أحرزت تونس والمغرب أعلى الدرجات، بينما سجلت دول الخليج أقلها!

من أهم المشكلات التي تواجهها المرأة في منطقة الخليج عدم وجود معلومات كافية عن حقوقها، وشيوع صور نمطية سلبية عن النساء، والحاجة إلى وجود أصوات مدافعة عن حقوق المرأة ومعبرة عنها. ففي المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة لا يسمح للنقابات والجمعيات النسائية بالعمل من دون قيود، كما أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي أدنى نسبة مشاركة في العالم.

وعلى رغم أن الدراسة وجهت نظرة انتقادية إلى أوضاع المرأة في الشرق الأوسط، فإن المشرفين عليها يحدوهم الأمل بأن المنطقة ستشهد تقدما في تلك المجالات. وتشمل الخطط المستقبلية للدراسة الانتشار المكثف وسط المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام، بالإضافة إلى عقد ورش عمل وحلقات دراسية.

سعيد محمد سعيد

لما فيه مصلحة الوطن!

 

تتعدد النوايا وتتوزع في صدور الناس لا يعلم بها إلا الله… أما وأن الغالبية بدأت تضع مصلحة (الوطن) نصب أعينها فهذا ما يسعد الفؤاد ويبهج النفس.

فليست العبارة مجرد عبارة… وليست الفكرة مجر فكرة، لكن كل ما (فيه مصلحة الوطن والمواطنين) أصبح من أقدس المواقف وأكثرها حباً للنفس تقرباً إلى الله وإلى رسوله وإلى ولاة الأمر ومن لا يصدق، فسأقدم له أدلة عدة منها:

– يريد أحدهم أن يتملق ويتقرب من (الشيوخ) بطريقة سمجة جداً، فيتحدث بين الفينة والأخرى في برنامج صباح الخير يا بحرين ويصر على أن يبدو في البرامج التلفزيونية واللقاءات ويتعمد ملاحقة كاميرات التلفزيون والصحافة، ليصر على مقولاته المتعلقة بأهمية اعتبار أي تحرك سياسي أو مطلب شعبي ما هو إلا عمل ( تآمري)، وإنه يقول ذلك (لما فيه مصلحة الوطن والمواطن).

– يكتب أحد الكتاب كثيراً، فيرفع ضغط القارئ وهو يتحدث عن مستوى الرخاء ورغد العيش والنعمة (أدامها الله)، ويصول ويجول في مختلف فنون النفاق، ولأنه يكذب على الله ورسوله، أفلا يكذب على ولاة الأمر ويغير الحقائق ويعكس الصور (لما فيه مصلحة الوطن والمواطن)!

– يتجرأ بعض النواب المعروف عنهم سوء نواياهم، فيطرحون مقترحات وأفكاراً يعلمون هم بأضرارها قبل غيرهم، لكن كل ذلك يهون من أجل (مصلحة الوطن والمواطن).

– إذا ارادت الحكومة أن تنجح مشروع التوظيف والقضاء على أزمة البطالة فيجب ابقاء بعض القطاعات مغلقة في وجوه طائفة من المواطنين، لأن ولاءاتهم ضعيفة وانتماءهم مشكوك فيه ونأمل أن يتم ذلك لما (فيه مصلحة الوطن والمواطن).

– ليس من الصعب تغيير أنظمة الخدمات الإسكانية وتقليص قروض الشراء والبناء، والاستمرار في بناء الوحدات السكنية الضيقة التي لا تنفع للعزاب، وحرمان المواطنين المنتظرين للقسائم من حقوقهم بسبب قوة المتنفذين في وضع اليد على الأراضي وما أدراك في بلادنا، لأن ذلك يجب أن يكون في مصلحة (المواطن) الذي يرى الأبراج ترتفع وحظه يطيح… لما فيه (مصلحة الوطن والمواطن).

– أما بعد، فنطالب الحكومة بعدم الاستقالة كما طالب النواب الكرام، لأن في بقائها استقراراً، ولكننا نطالب بأن تنظر الحكومة بعين الاعتبار إلى مواطنيها وتكرمهم وتحسن مثواهم وتعدل حالهم وترفع رواتبهم وتمسح على قلوبهم… (من أجل مصلحة الوطن والمواطن)

سعيد محمد سعيد

بين السنة والشيعة

 

ترى، أيهما نفضل: الكتب والكتيبات والمقالات والكتابات والمحاضرات التي تحمل لون التلاقي والمحبة والود بين المواطنين سنة وشيعة، أم تلك التي تؤجج نار الفتنة وتوغر الصدور وتثير حالة من العداء في البيت البحريني؟

اذا افترضنا أن الغالبية العظمى من الناس ستفضل اللون الأول، فإن ذلك يعني حتماً، أنهم يرفضون اللون الثاني لما له من أضرار ونتائج لا تحمد عقباها.. لكن من الذي يروج لهذا اللون الأسود الكئيب؟

موضوع الكتيب السيئ الصيت الذي انتشر في إحدى المدارس وانتقل الى أخرى يحمل فيروس الطائفية الخطير بتكفير وتفسيق طائفة لها ثقلها في البلاد ليس هو الأول مع شديد الأسف! لكن نأمل أن يكون الأخير ضمن سلسلة التفكيك التآمرية، فقد تحدث مشايخ من الطائفتين الكريمتين عن مضمون هذا الكتيب المشئوم وكتب بعض الزملاء في الصحافة أسطراً تحذر من فتنة وتطالب وزارة التربية والتعليم بألا يمر هذا الفعل المنافي للدين والأخلاق والعرف مرور الكرام، إلا أن المطلوب هو اتخاذ موقف واضح وصريح من جانب الجهات الرسمية لتقديم من يكتب وينشر مثل تلك الكتابات للمساءلة القانونية بحيث يأخذ القانون مجراه في محاسبة المتورط، فرداً أم مجموعة، بقوة القانون وعدالة القضاء حفظاً لحقوق الناس وضماناً لاستقرار العلاقات داخل المجتمع.

لكن يحق لنا أن نسأل: أليست هذه الأفعال التي تتكرر وبصور شتى يوماً بعد يوم – أياً كان انتماء اصحابها المذهبي – توجب موقفاً من جانب المجلس الأعلى للشئون الإسلامية؟ وهل يتابع المجلس فعلاً مثل هذه الممارسات؟ وما هي الإجراءات التي يتخذها في هذا الشأن؟

قد يكون للمجلس، وأعضاؤه من علماء الدين، تحرك لا نعلمه، لكن من حقنا أن نعرف : كيف يتعامل المجلس مع هذه القضية التي لا يمكن إغفال أهميتها؟ إنه لأمر مبشر أن يتحرك بعض العلماء والشخصيات والرموز من الطائفتين للتصدي لكل ممارسة تجلب الآلام لأبناء البلاد وتشعل فتيل الفتنة، بيد أن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يجب أن يكون حاضراً بقوة وفاعلية في هذا المضمار.. هذا ما نتمناه. على أي حال، لن ننكر الأسى والأسف الذي ينتابنا ونحن نقرأ كتيبات التفرقة والتفتيت ومنشورات الحقد وكتابات المؤامرة، وفي المقابل، تقع بين أيدينا الكتابات الجميلة، ومنها كتاب «رحلات المقيظ بين السنة والشيعة» للزميل حمد النعيمي الذي تحمل سطوره الصدق وتحمل معاني المحبة والعلاقات الطيبة، فأي الكتابات نريد حقاً يا سادتي الأفاضل

سعيد محمد سعيد

السيطرة على البطالة

 

حين يعلن وزير العمل مجيد العلوي عن إمكان السيطرة على البطالة خلال عام ونصف العام، فإنه يعلم – بشكل أو بآخر- أن وراء هذا التصريح تحديات كبيرة لا تقف عند حد التعامل الحساس مع ملف البطالة في البلد! بل تتجاوز حدود المعوقات من عدة أطراف من بينها وبشكل رئيسي أطراف الإنتاج الثلاثة: الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال.

إن الإعلان عن توظيف 202 من الباحثين عن عمل إلى جانب توظيف 5321 عن طريق التوظيف المباشر بين الشركات، وبلوغ عدد المسجلين المقبولين بالمشروع إلى 7812 باحثا عن عمل من أصل 96231 متقدماً للمشروع ووجود 455,1 وظيفة شاغرة، يؤكد اعتماد آلية إحصاء إلى استقراء الوضع بدقة، بيد أن هذه الآلية تستلزم مراقبة مستمرة وتتبعاً لأوضاع العاطلين واندماجهم في الوظائف الجديدة وكذلك تقييم ظروف العمل لضمان منع أية تجاوزات تحدث من قبل أي طرف.

لكن هل مسئولية نجاح المشروع تقع على عاتق وزارة العمل فقط؟ نعم، بالدرجة الأولى تقع المسئولية على الوزارة باعتبارها الممثل الأول للحكومة، وتوفير الوظائف للأيدي العاملة الوطنية دستورياً هي إحدى الحقوق الرئيسية للمواطن من حكومته، وهذا يفرض استمرار دعم الحكومة للوزارة وللمشروع، وإذا كان هذا المشروع هو قضية لها أولوية من جانب عاهل البلاد، فإن الاطمئنان إلى استمرار الدعم والمساندة يبشر بتجاوز أية معوقات تظهر في المستقبل كوننا نتعامل مع أزمة طال أمدها وآن أوان احتوائها لأنها شكلت ولاتزال تشكل حالاً من عدم الاستقرار الاجتماعي لوجود هذه الأعداد الكبيرة من العاطلين.

لقد بقي ملف البطالة مفتوحاً طوال 3 عقود من الزمن تقريباً، ولم تنجح البرامج والمشروعات السابقة في وضع حلول استراتيجية له، لكن مؤشرات كثيرة تدل على أن المشروع الوطني للتوظيف سينجح إذا ما وضعت الأطراف المعنية فيه مصطلح «المسئولية الوطنية» نصب أعينها!

وإذا كنا تابعنا اللقاءات التي اجراها الوزير مع علماء الدين وتلك التي عقدت في المجالس في مناطق وقرى متعددة، وما تم فيها من اتفاق على تحفيز العاطلين وتشجيعهم للتسجيل في المشروع طبقاً للفئات المحددة بناءً على المؤهلات والخبرة، إلا أن النشاط التثقيفي من جانب العلماء الأفاضل والجمعيات والمؤسسات الشبابية يبدو ضعيفاً ويتطلب تكثيفاً فالمشروع لم ينته ولايزال الكثير من العاطلين عازفين عن التسجيل وهذه مسألة تفرض بحثاً عن الأسباب.

سعيد محمد سعيد

العاطلون

 

الذي يتابع أوضاع العاطلين الذين بادروا بتسجيل أسمائهم ضمن البرنامج الوطني للتوظيف، وما تبع هذا التسجيل من استعداد لإجراء المقابلات واختيار الوظائف التي تناسب كل عاطل مسجل تبعاً لمؤهلاته وخبراته، لاشك وأنه يشعر بحال من الطمأنينة في أن مشكلة كبيرة ومتشعبة بدأت تأخذ طريقها نحو الحل.

واذا كان عدد العاطلين الذين تم تسجيلهم حتى آخر أيام التسجيل بلغ 12 ألف عاطل، فإن هذا الرقم يعني أن آلاف الايدي العاملة يجب أن تشارك اليوم في قوة العمل بدلاً من بقائها معطلة، ومن خلفها، هناك أرقام أخرى ربما بالآلاف…

من السهل أن نتخيل الوضع بوجود آلاف الشباب البحرينيين من الجنسين عاطلين عن العمل، ومن السهل أن نتخيل الأوضاع التي يعيشها العاطل عن العمل في مجتمع مثل مجتمعنا، ومن السهل توجيه العتاب واللوم الى العاطلين وذويهم والى الدولة والى كل طرف يمكن أن يكون فعلاً طرفاً.. لكن ليس من السهل أن نصبغ كل تحرك من أجل احتواء هذه الأزمة – أي أزمة البطالة – بوضع سيناريوهات طائفية!

إن واضعي مثل تلك السيناريوهات من المستجدين في الصحافة أو في الإعلام عموماً يفتقدون الى عنصر رئيس، وهو الشعور بالمسئولية الوطنية تجاه ما يكتبون وما يقدمون من أفكار وما يثيرون بأقلامهم من عواصف في فناجين!

ولسنا هنا ندافع عن الأخوة والأخوات العاملين في البرنامج الوطني للتوظيف، فهذا المشروع الذي تبناه عاهل البلاد لم يؤسس على أساس طائفي، أي أن المشروع حين انطلق لم يطلب من الوزير المعني وهو وزير العمل، أن يختار العاملين في المشروع طبقاً لانتمائهم الطائفي، وإلا لكان من السهل على المتصيدين بالمثل أن يقولوا ويتقولوا والأمثلة كثيرة، لكننا لا نريد أن نقترب منها!

لقد أثيرت ضجة محدودة للغاية وفاشلة ولله الحمد، بدأت بطرح تساؤلات كبيرة حول توظيف (الشيعة) وتم تعديد أسمائهم وتصنيف مناطق سكنهم لتوضيح الانتشار العددي والمناطقي، ثم انتهت بقائمة من النكات التي اطلقها الناس على صاحب الفكرة بعد أن ألقمته الوزارة حجراً، وكشفت مدى حرصها على انجاح المشروع، حتى وإن كانت الحقائق تشير الى أن النسبة الأكبر من العاطلين هم من تلك الطائفة، واذا كان المشروع سيوظف أبناء الشيعة العاطلين عن العمل لكونهم يمثلون النسبة الأكبر من المتعطلين، فما الغريب من توظيف موظفين هم أساساً على قائمة (المؤقتين) أو تحت مسمى (العاطلين) أصلاً؟

مثل هذه الأهازيج الصحافية لا تعني سوى فقدان البوصلة… لكن أية بوصلة

سعيد محمد سعيد

بحرينيون

 

من المفردات التي تكررت في الفترة الأخيرة، والتي نتمنى ألا تتكرر إطلاقاً في أي ظرف تمر به البلاد.. مفردة «حق التعايش بين الطوائف»!

فمع اشتداد بعض الأزمات الطائفية البغيضة الصادرة عن أفراد من كلا الطائفتين، ومن متشددين متزمتين من كلا الطرفين، يتحدث بعض الطيبين، ومن دون قصد، ينادون بضرورة «التعايش السلمي بين الطوائف في البحرين»! وكأننا نتحدث عن مجتمع (فقد سلمية التعايش) ولزاماً على كل قواه السياسية والاجتماعية ورموزه، العمل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها والدفاع عن ذلك الحق.

لست من المطالبين بحق التعايش السلمي بين الطوائف بقدر المطالبة بتأكيد الحقوق (حقوق المواطنة) التي كفلها الدستور وجعل المواطنين سواسية! وكذلك حقوق المواطن في ممارسة معتقداته وشعائره الدينية في أمان وطمأنينة وحرية، ومن هذا الحق ندخل إلى حماية المواطن من جانب الدولة حين يتعرض لحملة من التسفيه والتكفير والإخراج من الملة عن طريق منشورات وكتيبات وكتب وأشرطة توزع في مساجد وجوامع وجمعيات… بل وتصل إلى المدارس الثانوية وربما للطلبة في كل المراحل!

ومع شديد الأسف، فإن هناك فئة كبيرة في المجتمع البحريني تصب النار على الزيت، وهم أولئك المتدينون المتعصبون من الطائفتين الذين يحفرون للوقيعة بين أبناء كلا الطائفتين… ولأننا في هذا المجتمع دائماً ما ننظر بعين واحدة ونسمع بأذن واحدة، أريد التأكيد على العبارة التي قلتها «هناك فئة كبيرة من المتدينين المتشددين» ولا أعني قطعاً كل المتدينين وكل المنتمين إلى التيار الإسلامي والمعتدلين منهم، فبهذه الممارسات السيئة، لابد للمجتمع أن يعريهم – المتعصبون – ويفضحهم ويتصدى لهم… بدلاً من الحصول على مريدين من (الصبية) من هنا وهناك يهتفون بأصواتهم وينشرون قباحاتهم ويقدمونها ويدافعون عنها!

البحرينيون عموماً يمتازون بقائمة أخلاقية طويلة وبنفس من القيم الدينية والاجتماعية… أما القطيع الجديد من عشاق تفتيت المجتمع وزراع الأحقاد وهواة التدمير، فليس لهم مكان في هذا المجتمع إلا في كهوفهم المظلمة يتعفنوا فيها