الأخبار والتقارير والتصاريح الصحافية التي تحمل دعوات للمِّ الشمل بين المسلمين الشيعة والسنة سواء في العراق أو في منطقة «الشرق الأوسط» عموماً والخليج خصوصاً لم تتصدر الصفحات الأولى في الصحف يوماً ما كما تتصدرها اليوم.
إن قرأنا تلك الأخبار الواردة من العراق، سنجد العشرات من الدعوات المماثلة، وإن عرجنا على الوضع محلياً سنجد مثلها الكثير، وإن تجولنا في الصحافة الخليجية والعربية، فلن نعجز في قراءة هذه التصريحات التي تمثل في واقعها حالاً مرتبطة بمتغيرات سياسية واجتماعية، محلية واقليمية.
في العراق، تنطلق الدعوات من مختلف التيارات والقوى السياسية لمواجهة وضع دموي خطير، لعله يبدو في أبشع صوره الإرهابية التدميرية هناك، وفي البحرين، تلمع تلك التصريحات في الصحف وفي المقالات وفي اللقاءات والمنتديات والحوارات، وفي السعودية، وضع الحوار الوطني هناك بنداً رئيسياً للتلاقي بين مكونات المجتمع، لكن المتتبع لتلك التصريحات، سيصدم بحال من اللاصدقية في تحقق المنشود على أرض الواقع! لماذا يا ترى؟
هل النوايا المبطنة حيناً والشعارات غير المعلنة حيناً آخر هي السبب في اضفاء صفة «اللاصدقية» على هذه الدعوات؟ وإن كنا نفترض حسن النية وسلامة الشعار، واتفاق أبناء الأمة على العنوان العريض، الرمزي والديني والاجتماعي للوحدة، فلماذا تصطدم التحركات بأسفين خطير وصلب يخرجها عن إطارها الصحيح، فتستمر الدعوات… مجرد دعوات وشعارات، وتبقى الممارسات على أرض الواقع تنسف كل جهد حقيقي لتجعل المجتمع يسير على صفيح ملتهب؟
ولا يمكننا فهم عبارة «لمِّ الشمل» على أنها تعبير مطلق لحال من التفرق والخلاف التي يجب أن تتغير بناء على متطلبات المصلحة الوطنية، ولكن يمكن أن نفهم على أنها جزئية مؤثرة بشكل عميق في طبيعة واستقرار العلاقات داخل المجتمع.
ما حقيقة الوضع في البحرين؟ هل بلغنا مبلغاً من الورطة في التعاطي مع ملف الخلافات الطائفية حتى أصبحنا ننام ونصحو على صورة سلبية تتفاقم أبعادها يومياً لتصيبنا بالإحباط وخيبة الأمل؟
دائماً ما تلقى الكرة في ملعب علماء الدين من الطائفتين، وهذا أمر متفق عليه، فلأصحاب الفضيلة العلماء الدور الأكبر في التأثير على المجتمع، ثم يأتي بعد ذلك، أو قبله، دور الدولة في الحفاظ على العلاقات داخل المجتمع بالقانون، ولهذا، سنجد الآراء متفاوتة تجاه الضجة التي أثيرت بسبب لافتة رفعتها جمعية التوعية الإسلامية، سخّنت حولها المراجل وتصادمت الأصوات لتصل الى كل مسمع، وسنعتبرها تجاوزاً، صورة للافتة طائفية يجب أن تزال، وقد أزيلت فعلاً! لكن ماذا عن الكتيب الشهير الذي هو الآخر أضاف قنبلة طائفية، ولايزال يدور، فيما تدور – في الوقت ذاته – الإجراءات المتخذة حيال المتورط في توزيعه، داخل دهاليز غير مرئية.
وأد الطائفية بإزالة لافتة، يتطلب من باب العدل والإنصاف تقديم من كتب كتيب الطائفية ووزعه على المدارس للمساءلة القانونية… فهل تم ذلك من دون علم ال