سعيد محمد سعيد

الهوامير!

 

منذ الصغر، كنا كثيراً ما نسمع عن كلمة «هوامير» لتتعود أسماعنا فيما بعد على هذه الكلمة الخطيرة التي لا علاقة لها بسمك الهامور ولكن لها علاقة بشكل أو بآخر… بالبحر العميق الرهيب والذي يحوي الكثير الكثير من الأسرار والغموض!

كبرنا وكبرت معنا الهوامير! وهذا هو بيت القصيد! كلما نكبر تكبر معنا الهوامير… والأغرب من ذلك أن هاموراً يكبر وآخر يصغر، وفي كلتا الحالتين نبقى نحن على حالنا، وإذا أصبح الواحد منا «هاموراً» فتلك مصيبة كبرى حقاً… ينسى الكل، ولا يعترف بأحد ولربما فقد صوابه تماماً فنسي والديه.

من أجمل قصص الهوامير، أنهم من القوة بحيث يمكنهم تجاوز القوانين… هل رأيتم هاموراً لا يمكنه التلاعب على القانون! ولماذا قلنا إنها من أجمل قصصهم، لأن الواحد منهم يجد في عنتريته المضادة للقوانين والأعراف والأنظمة والقرارات شكلا من أشكال التباهي أمام الناس.

للهامور مواصفات خاصة، وقد تجدها في غير الهامور لكن الناس… «معادن»، وكذلك الهوامير!

فليس مهماً أن تجد الهامور يركب سيارة فاخرة ويفسح له الناس مكاناً في صدر المجلس أو يمشي ومن خلفه رهط ورجال أمن للحماية، فهذه من الأمور التي أصبحت مشاعة للكثيرين ممن حاولوا أن يدخلوا نادي «الهوامير»، لكن الميزة الأهم للهامور، والتي تكون نافعة للمجتمع، أنه يدفع في اتجاه توظيف عاطل عن العمل في وظيفة محترمة أو يعمل على ترقية فلان من الناس إلى وظيفة أعلى ويصول ويجول في ميادين أخرى فيستخدم نفوذه بطريقة تسيئ إليه وتسيئ إلى البلد وتسيئ إلى قانون البلد.

سمعنا كثيراً عن حكايات الهوامير وقصصهم ونوادرهم وطرائفهم، فضحكنا تارة وبكينا تارة أخرى وزعلنا تارات، لكن الهوامير اليوم، ليسوا هوامير الأمس… فكما تغير البحر عما كان عليه في السابق أيام عز البحر، تغيرت الكثير من ملامح البحر والهوامير، فصار التافه من الناس اليوم يعد نفسه هاموراً… فيتدخل في خصوصيات الناس ويعمل على قمع الناس ويسعى للفساد بين الناس.

نعم، تجده مجرد شخص تافه… لكنه حين يسيطر على (الميكرفون) فإنه يصبح في لحظة هاموراً بطلاً، يدين له الكثير من البسطاء بالولاء والطاعة… فقد أصبح هاموراً منذ اليوم الذي جعل نفسه وصياً على الناس وأنه أعلى من القانون

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *