سعيد محمد سعيد

يسارعون… للخيرات!

 

إذا كان المحسن الذي يسرق من أموال الدولة وأموال الناس وأموال اليتامى والفقراء والمساكين يعمل في سبيل الخير والتقوى، فهو من دون شك، رجل يستحق كل التقدير والثناء… ربما هذا هو المنطق الذي يجب أن نقنع أنفسنا به في أيامنا هذه!

غريب هذا الأمر… فحين تسمع عن إنسان أوكلت إليه مسئولية الحفاظ على الأمانة (ولاسيما إذا كانت نقوداً) لتنفيذ مشروعات وبرامج خيرية وراح يقرضها بقوارضه دونما رحمة، فستشعر بالخوف والقلق حتماً، لأن المسألة ليست هينة إطلاقاً. ولله الحمد، ليس لدينا في مجتمعنا من هذه النماذج (العدد الكبير)، لكنها نماذج كثيرة إذا ما قيست على حجم المجتمع!

والأغرب أن تستمع إلى قصة «الشركة» التي ضبطت شبكة تتلاعب بأجور العمل الإضافي وتصرف عمولات (للاستفادة منها في الأعمال الخيرية)… ثم تجد أحدهم يجمع الأموال لبناء جامع أو مسجد أو مأتم وتتناثر عليه الأموال من هنا وهناك وبأرقام مختلفة، لتجده يعبث فيها كما يشاء. وربما صدمت حينما علمت بأن أحد الأتقياء الورعين ممن تصدر حملة لجمع التبرعات من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، صرفها على نفسه وعلى متعته في الحياة الدنيا واشترى منزلاً وسيارة فخمة، ولله الحمد، لايزال الناس الموعودون ينتظرون دورهم!

البعض، أصبح يتاجر باسم الدين، وعلى رغم أن هذه الممارسات أصبحت مكشوفة اليوم أكثر من ذي قبل، فإن هناك من يقع في مثل هذه المصائد ويلقم تلك الأفواه المال والمساعدات العينية. ويبدو أن العمل في هذا القطاع مغرياً، فهناك أجانب من دول مختلفة، ألف الناس مظهرهم حين يرتدون القافية والثوب العربي ويدهنون أنفسهم بدهن العود ثم يجوبون الشوارع ويحتلون أبواب المساجد أو يدورون بين المصلين يوم الجمعة لجمع التبرعات من أجل بناء مسجد في باكستان أو مستشفى في حيدر آباد أو مركز لتعليم القرآن في إحدى قرى افريقيا الغابرة.

ثم في لحظات، يبادر البعض بحسن نية للتبرع، لكن الذي يمد يده ليجمع تلك الأموال، لن يكون صادقاً في كل الأحوال. هؤلاء يسارعون للخيرات أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء