شن أحد الخطباء هجوماً على من يدعي أنه يواجه الفساد والمفسدين في المجتمع وهو لا ينطق ولا بكلمة واحدة حين يتطلب الموقف ذلك! واصفاً أولئك بأنهم مجموعة من الناس الذين (يبيعون) كلاماً من أجل الاستهلاك المحلي لتحقيق بطولات ورقية.
ولعل ذلك الخطيب مصيب الى حد ما في توصيف فئة من الناس تعيش بيننا في المجتمع، ونعرفها من خلال الكلام الكثير عن النشاط (الغيبي) الذي يقوم به الفرد منهم في سبيل التصدى لجميع مظاهر الفساد والسرقة والتلاعب بالمال العام والعبث بأموال الدولة، وهذه الفئة عادة ما تصف غيرها من خلق الله بالخنوع وعدم العمل من أجل الحفاظ على أموال البلاد ومواجهة العابثين.
وإذا كان هذا الكلام جاء في خطبة على منبر، فإن الفئة المقصودة هنا، في تلك الخطبة، موجودة فعلا… تصرخ في وجوه الناس في المجالس وتتسع أشداقها عن آخرها وهي تتحدث وتتلو القصة تلو القصة، لكن في حقيقة الأمر، كل ما يصول ويجول على اللسان ما هو الا مجرد مصارعة وهمية يفترضها قائلها.
الفساد في البلاد ليس سلعة تباع وتشترى، فإن كانت لدينا بضعة ملفات مهمة وحساسه ومن ضمنها الفساد، فمن غير الممكن أن نطلق لأنفسنا لفظة «نشطاء في وجه الفساد» أو «شركاء في التصدي للفساد» ثم لا يجدنا خلق الله في المواقف التي تتطلب وجودنا ولا يسمعون منا كل ذلك العطاء الكفاحي العظيم إلا في المجالس الصغيرة!
بالنسبة لي شخصياً، اعتقد أن ذلك الإنسان الموظف أو العامل أو المسئول أو تلك المعلمة أو تلك الموظفة… ذلك الإنسان الذي يضبط تلاعباً ما أو يقف على فساد بدلالات معينة وبممارسات واضحة، وبكل إقدام، يستخدم القنوات القانونية للتبليغ… ذلك هو الجندي الحقيقي الذي يواجه الفساد.
شبع الناس كثيراً من الخطب والمحاضرات والندوات ومن سلالم المجد الورقية التي يصنعها البعض لأنفسهم! فمكافحة الفساد تعني فضحه حين ضبطه! وتوعيه المجتمع ضد هذا الخطر الفادح ضد من تسبب فيه، ولا بد أن يكون للقانون صوته الأعلى حين يتم تقديم من تجاوز قوانين البلد للمحكمة