من بين عشرات العناوين التي شملتها جداول الخطباء منذ بداية موسم عاشوراء، لن تجد الكثير من الموضوعات التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بقضايا اجتماعية وثقافية وظواهر معيشية وممارسات سلبية يمكن تحديدها بسهولة في المجتمع.
صحيح، اكتظت الكثير من الجداول بالمحاضرات البحثية المتقدمة الراقية في مجال العلوم الدينية والعقائد والأبحاث التي تسلط الضوء على معطيات النهضة الحسينية المباركة. وتلك عناوين موضوعات مهمة من دون شك، إلا أن المتتبع لحاجة المجتمع البحريني وما يمر به من إرهاصات كثيرة وتحولات مختلفة، يفترض بادئ ذي بدء أن يبذل الخطباء الأفاضل بعض الجهد قبل موسم عاشوراء ليحددوا أهم القضايا التي يعيشها المجتمع اليوم وتترك آثاراً سلبية ويعملون على بحثها جيداً والتفكير في كيفية طرحها بالأسلوب الذي يوصل رسالة مهمة الى آلاف المستمعين الذين يداومون على حضور المجالس الحسينية.
أكبر مشكلة هي تلك التي يظهر فيها الخطيب وكأنه لا يدرك ما يحدث حوله من تغيرات وحركة اجتماعية وسياسية دائبة، فيجلس على منبره وأمامه مئات العقول والعيون ليحتار في تخبطه تارة وهرولته تارة أخرى، قافزاً من نقطة الى أخرى ومن مطب الى آخر في موضوع لا يدري من أين بدأه وأين سينتهي به المقام فيه!
نعم، هناك من الخطباء، وهم قلة مع الأسف، من يتحرك مع المستمعين تبعاً لما استخلصه من متابعة واستماع وقراءة ومشاهدة وتقصيًّ لكثير من الموضوعات التي ربما يحتاج لها الناس أكثر من مجرد إعادة السيرة الحسينية التي لن تأخذ من وقت الخطيب أكثر من عشرين دقيقة من المحاضرة، فيما يمكن تبني موضوعات الساعة من خلال الطرح المفضي الى نتيجة جيدة يخرج بها المستمع.
قلة هم من الخطباء الذين التفتوا مثلاً لظاهرة بيع البطاقات السكانية، ونفر قليل منهم ممن تحدث عن أهمية متابعة أولياء الأمور للتحصيل الدراسي لأبنائهم… وقليل أيضاً تحدثوا عن الحفاظ على قوة الأسرة والتحذير مما ابتلت به كثير من البيوت من آفات! والقائمة تطول.
لم ينته الموسم، ولم نتأخر في لفت انتباه الخطباء الى ما يمكن أن يكون نافعاً مفيداً خلال هذا الموسم الذي يستمر طوال شهري محرم وصفر، وليس من الصعب على الخطيب أن يتابع القضايا التي تهم الناس… ولكن بمعرفة وتعمق في فهم الفكرة.