سعيد محمد سعيد

أية عداوات تلك؟!

 

حين يتحدث كبار السن من أهل البحرين عن ذكريات شهر محرم، وإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، في تلك السنوات التي خلت والأيام التي طواها الزمن، فإن الحديث الرقيق ينساب إلى أذنيك دونما تكلف… في تلك الذكرى… آنذاك، لم يكن هناك سني أو شيعي!

جميل ذلك الحديث، فما الذي يمنع من أن تبقى تلك الصورة؟ وما الذي يجعلها جزءاً من (نمط) اجتماعي في العلاقات بين أفراد المجتمع، ولى وانتهى؟

بين القريتين الجارتين، بني جمرة والبديع، حكايات من هذا القبيل، كانت ومازالت بدرجة ما. وبين الجارتين الصغيرتين أم الحصم والماحوز ما يمكن أن يمثل عادات اجتماعية اعتاد عليها الناس في موسم عاشوراء، إلا أن ما تغير اليوم، يعود إلى أسباب. يعود معظمها إلى ذلك التغير الخطير في احترام المعتقدات وبروز بضعة أمزجة طائفية بغيضة تتغذى على فطريات العداوات وتنمو! ولعل أكثر ما يجعل أهل البحرين يشعرون بالأسى والحزن، هو أن تضعف العلاقات ويصيبها الوهن وتتحول تلك اللحظات الطيبة التي نعيشها في كثير من المواسم، إلى ميدان قتال يتوجب على كل طرف أن يشهر فيه سلاحه.

لكن بودي هنا أن اكون واضحاً وصريحاً. وليعذرني الجميع، فليس موسم عاشوراء ميدان قتال. لمن لا يعرف هذا الموسم نقول إنه «الموسم المحمدي الذي يجدد في أبناء الأمة القيم العظيمة التي تمثلت في استشهاد الإمام الحسين لكل البشرية وليس للمسلمين فحسب». فليس هناك من داع لتنظيم منتديات «خبيثة الهدف» تمضي في اتجاه تجربة محاولة معاكسة لإلحاق مزيد من التفتيت في المجتمع وتأليب الناس في هذا البلد ضد بعضهم بعضا، بل ولا يستحي البعض من أن يحل ضيفاً على البحرين لكي يعمل عمل السحرة والفجرة الذين يزرعون الفتنة ويعملون جاهدين لكي ينشروا المزيد من الحقد والغضب بين الناس وبعضهم بعضا.

لكن المؤسف هو أن هناك من يستمع دونما استخدام للعقل، ويقبل ويثني أيضاً. ومن ذلك البعض فئات مثقفة واعية متعلمة. ولسنا هنا ندين فريقا دون آخر، فمن ينظم منتدى تفوح منه روائح الطائفية العفنة، ومن يستخدم المنبر الحسيني لإشعال الفتنة هما مخطئان دون شك. وإذا كانت مثل هذه الممارسات ستستمر، فإن أمراً واحداً يوقفها، وهو رفض الناس لمثل أولئك بحيث يعرفون قدرهم ويقفون عن حدهم

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *