ما زلنا نذكر جيداً تصريح محمود غزلان، الناطق الإعلامي للإخوان المسلمين في مصر أيام حكم الدكتور محمد مرسي، والذي انتقد فيه سياسة دولة الإمارات الشقيقة تجاه حكومته، وكيف انبرت له جميع الأقلام الصحفية الليبرالية في الخليج تطالبه بالاعتذار حتى اضطر إلى ذلك، وتوضيح قصده من تصريحه. ولم نكن وقتها ندرك أن تلك الحملة لم تكن فزعة أو غيرة لدولة شقيقة بقدر ما كانت بداية تحرك إعلامي لإسقاط أول حكم مدني ديموقراطي واستبداله بعودة الحكم العسكري من جديد لمصر. لكن عندما صرح أحد أشهر الإعلاميين المصريين بتصريحات استفزازية لدول الخليج، وفيها إهانة لشعوبها أيام حكم العسكر، لم نسمع لهذه الأقلام صوتاً أو تعبيراً تستنكر فيه هذا الإسفاف في الخطاب الإعلامي النشاز! هنا أدركنا أن الفزعة للوطن والغيرة عليه شيء بينما الفزعة للهوى والرغبة شيء آخر! متابعة قراءة ولا عزاء للطلبة
إلى متى نقول «الشق عود»؟
الزميل بدر الديحاني كتب في مقاله بـ"الجريدة" أمس أن على الحكومة أن تكف عن إطلاق الدعوات المتكررة إلى إلغاء أو تخفيض الدعم عن الضرورات الأساسية للمواطن، فما يرهق الميزانية العامة ليس هذا الدعم بحد ذاته، بل دعم المؤسسات والشركات الثرية، فمن يستفيد من دعم الديزل الذي يهرّب ويسرق بصورة متكررة؟ وهل تحتاج تلك المؤسسات الكبيرة إلى دعم الكهرباء بتكلفة فلس واحد مقابل فلسين للمواطن؟ وهل ينقص تلك المؤسسات أن تحول مشاريع الـ"بي أو تي" من وضع الترخيص المؤقت كإيجار لأرض الدولة إلى ملكية تامة لعيال بطنها كما يدعو نحو هذا الاتجاه مجلس التابعين.
في مقابل هذا الرأي الوجيه للزميل بدر، أوردت "القبس" تحقيقاً عن أزمة طوابير الإسكان، ركزت فيه على أن الحل يكمن في البناء العمودي، بمعنى أن يتقبل المنتظرون للسكن نظام الشقق بدل الفلل، رغم فشل تجربتين لهذا النوع من الحلول، وأردت حالات يفضل فيها بعض المواطنين الفلل كي يبنوا أدواراً ثانية وملاحق غير مرخصة بغرض التأجير وزيادة الدخل، هنا تم تعليق الأزمة على رقبة المواطن لا على احتكار الأرض من القلة وارتفاع أسعار الأرض إلى أرقام خيالية يعجز عن دفع ثمنها المواطن العادي وليس المواطن "السوبر ديلوكس"، واستطراداً، وهذا ليس خارج الموضوع، يتم تذكير الناس دائماً بأن ميزانية الدولة ستواجه عجزاً حقيقياً مؤكَّداً بحلول عام 2017، من جملة أسبابه سياسة التوظيف في القطاع العام وزيادة الرواتب والمعاشات، وكلها من بركات مخرجات التعليم، وهو نظام تعليمي مخجل يقول عنه وزير التربية إنه لا غبار عليه وإن خبير التعليم السنغافوري الذي أكد سطحية التعليم في الدولة لا يفهم ظروفنا الخاصة!! وغير ذلك من أدبيات حزب التخصيص.
وهنا يظهر الرد جاهزاً من المعارضين وفحواه أن الفساد المالي والسرقات والتسيب الإداري هي السبب لا القطاع العام، أو الموظف المغلوب على أمره، ويرد دعاة الإصلاح من حزب مناصري القطاع الخاص بأن هذا القطاع العام غير منتج ومتكاسل، والوظيفة فيه مقابل الجنسية لا العمل، وتكفي زيارة بسيطة لدائرة حكومية ومشاهدة مناظر إفطار الفول والفلافل في غرف مغلقة حتى نعرف كيف يقدس هذا الموظف عمله، القطاع العام له شعار ثابت لا يتزحزح يقول بأن "المدير غائب في اجتماع مع الوكيل أو الوزير، تعال غداً أو الأسبوع المقبل، من أجل أن يباركلك بالتوقيع على المعاملة وتنهيها!".
أين الحلول في كل ذلك؟ أين الأزمة؟ هل هي أزمة قطاع عام مترهل لا ينجز وبخدمات سيئة تسير نحو الأسوأ، أم هي أزمة كبار متنفذين متحلقين حول دائرة الحكم، هم لا غيرهم، الذين يرددون عبارة "يا رب لا تغير علينا". أين هي الأزمة؟! هل هي أزمة صغار يتعيشون على الإنفاق الحكومي "المعروف" من غير عمل حقيقي منتج، أم أنها أزمة كبار، يراكمون الثروات، أيضاً، وبدورهم، من الإنفاق الحكومي "المجهول"؟! أين الجواب الصحيح عن أسباب هذه الأزمة وكل "بلاوي" الديرة من تعليم وإسكان ومرور وصحة؟ هل نجد الإجابة من دعاة الخصخصة ومن دعاة اليمين "التاتشريين الريغانيين" (نسبة لتاتشر وريغان)، أم نجد الجواب عند المعارضين الذين يرمون الجمل بما حمل على الفساد! أم نقول إنها أزمة إدارة دولة، تبدأ وتنتهي من فوق، عند من يملك منفرداً تلك السلطة، فلننظر إلى فوق علَّ وعسى أن نجد إجابة جديدة غير تلك العبارة المحبطة بأن "الشق عود"…
جامعات وشهادات
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
أجرى تلفزيون الوطن قبل فترة مقابلة مع النائب عبدالحميد دشتي ونائب مبطل العضوية، وتبين أثناء النقاش أن النائب دشتي يحمل شهادة دكتوراه، وهنا سأله النائب المبطل عن مصدر شهادته، فرد بأنه حصل عليها من جامعة فرنسية، وبعد إصرار السائل على معرفة اسم الجامعة قال دشتي، بتردد واضح، إنها من جامعة «الإبداع»! وبالرغم من حرص وإصرار مقدم البرنامج والنائب المبطل على معرفة اسم الجامعة باللغة الفرنسية، أو حتى بالإنكليزية، فإن دشتي رفض البوح بالسر، أو الاستطراد أكثر في الموضوع! ونحن لا نود التشكيك في مقدرة النائب على فهم الإنكليزية، ولكن شكوكنا ربما تتعلّق بلغته الفرنسية، دع عنك حصوله على شهادة دكتوراه فيها، ولكن هذا أمر نتركه للتاريخ، وليس موضوعنا هنا، علماً بأنني سبق أن قضيت، وأنا طالب، 3 سنوات في دراسة اللغة الفرنسية، واليوم لم يتبق لدي من مفرداتها غير 50 كلمة، بالكثير.
موضوع مقالنا يتعلّق بكل هذا العدد الغريب والمزعج من حملة شهادات الدكتوراه لدينا، بحيث أصبح ظاهرة فريدة، وهذا ربما يكون نتاج تخلف أغلب مكونات الدولة، وتدني ثقافة أغلبية أفراد المجتمع، والسكوت عن الخطأ. فعندما «تخرّج» أول من يحمل شهادة دكتوراه «مضروبة»، وكانت في التدليك، لم يكلف أحد بسؤاله عن صحتها، وتم توظيفه على أساسها. هذا السكوت شجّع غيره، وهكذا أصبح لدينا حالياً خلال فترة قصيرة جيش من حملة شهادات جامعية وشهادات دكتوراه «غير المعترف بها». وبطالتهم دفعتهم إلى تكوين اتحاد أو رابطة تجمعهم للضغط على الجهات الحكومية لتشغيلهم، بعد الاعتراف بشهاداتهم التي لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ولا كلفة حبر أختامها! والغريب أنها بعد أن كانت هدف ضعيفي الحال والقدرة، أصبح الآن حتى «المشاهير»، من سياسيين وغيرهم، يسعون لشرائها، ومن بعدها بذل الجهد لمقابلة كبار المسؤولين بمناسبة حصولهم عليها، أو بالأحرى الانتهاء من شرائهم لها، وأخذ الصور التذكارية معهم، وهم يحملون شهاداتهم.. المضروبة في الغالب!
وحيث إن عدد حملة شهادات الدكتوراه أصبح على «قفا أو ظهر من يشيل»، فقد دفع ذلك بعض «الدكاترة» للنأي بأنفسهم عن حملتها، وذلك عن طريق إضافة حرف «أ» لحرف الـ«د» الذي يسبق أسماءهم، وليصبحوا بالتالي «الأستاذ الدكتور»، أو الدكتورة، هكذا دون أي مسوغ أكاديمي. وأعداد هؤلاء في تزايد مطرد، وتجد ألقابهم، غير الصحيحة غالباً، تسبق أسماءهم في الصحف والمجلات والمقابلات وبطاقات الزيارة، ولا أعتقد بأن بالإمكان التقليل من هذه الظاهرة بغير تسليط الضوء عليها، فربما يشعر هؤلاء بالحرج، وقد يدفع هذا بعضهم إلى التوقف عن انتحال ألقاب أكاديمية من دون وجه حق!
يقول الصديق «كمال يامولكي» إنه كان يشاهد يوماً برنامجاً تلفزيونياً يبث على الهواء، وإن المذيعة سألت «الأستاذ الدكتور» عن اسم مؤلف رواية «البؤساء» الشهير، فرد «أ.د» بأنه «هواري بومدين»!
وكاف كفوف الكاف!
يقال ان الكاف الثلاثية ترمز لمليشيات كوكلوكس كلان (ك.ك.ك) أي الميليشيات الأميركية الجنوبية التي خلقت لمحاربة جيش الاحتلال الشمالي ولطرد المستوطنين الشماليين والتي تحولت فيما بعد لمحاربة منح السود حقوقهم المدنية ومقاومة المد اليساري والشيوعي وانتهت بمحاربة الحكومة المركزية في واشنطن، ويعتقد آخرون ان حروف الكاف الثلاثة ترمز لآخر 3 دول شيوعية بقيت في العالم أي كوبا وكوريا الشمالية والكويت، بينما نرى انها أحد أسباب كوارث منطقتنا القائمة كونها ترمز لسياسة وفلسفة بدأت عام 1919 عندما ربط الكرملين بمنظومات الكومنترون ولاحقا بـ«الكومنفورم».
***
خلقت منظمتا الكومنترون والكومنفورم لاجل نشر فكر ايديولوجي معين هو الشيوعية في دول العالم المختلفة ومن ثم كانوا أول من أقر وشرع لعمليات الولاءات العابرة للقارات فقد حددوا آنذاك 21 مبدأ على التابعين في العالم اجمع الالتزام بها وعلى رأسها الولاء التام للكرملين لا لبلدانهم وضرورة إشعال الثورات في بلدانهم والسيطرة على النقابات وقيادة الجيوش وخلق تنظيمات سرية إلى جانب التنظيمات المعلنة واستخدام العنف والإرهاب والاغتيال واشعال الحروب الأهلية للوصول للأهداف المرسومة لهم.
***
ولا شك أن أغلب ما يجري في منطقتنا هو نتاج لمثل ذلك التفكير العدمي المدمر الذي استبدل شقه اليساري بالتوجه الديني المتطرف الذي طبق تماما مبادئ الكومنترون والكومنفورم واصبح لا يخجل من ابداء الولاء لتنظيمات أو عواصم بعينها لا لاوطانها التي يفترض الانتماء لها، كما كرروا استخدام نفس الوسائل من عنف وخلق تنظيمات سرية وميليشيات، لذا فلا جديد تحت شمس المنطقة عدا توقف الناس عن إطلاق لقب «خونة الأوطان» الذي كان كثيرون يصمون به الشيوعيين.
***
آخر محطة: نظم امرؤ القيس وانشد طلال مداح:
تعلق قلبي طفلة عربية
تنعّم في الديباج والحلي والحلل
وكاف وكفكاف وكفي بكفها
وكاف كفوف الودق من كفها انهمل
حجازية العينين مكية الحشى
عراقية الأطراف رومية الكفل
تهامية الابدان عبسية اللمى
خزاعية الاسنان درية القبَل
لم يبق لتلك الطفلة العربية بسبب الثورات العربية لا ديباج ولا حلي ولا حلل بل قتل وقمع وتهجير واغتصاب..!
– @salnesf
الشفاف عندما يصبح معتماً
“>يصبح الأمر مضحكاً عندما يقوم مدير شركة حراسة بسرقة خزانة الشركة، ومبكياً عندما تنقطع المياه عن مكتب مدير مركز تحلية مياه البحر، ويصبح الأمر بحكم الكارثة عندما تختفي الشفافية والوضوح من تصرفات معظم المسؤولين عن جمعية الشفافية! فمنذ استقالة عدد من ابرز أعضاء مجلس إدارة الجمعية، ورفض وزارة الشؤون طلب رئيسها عقد جمعيتها العمومية، وتأجيل الأمر لأجل غير محدد، والغموض والصمت المريبان يلفان الجمعية، فلا تصريح يتحلى بالشفافية يبين سبب استقالة الأعضاء، ولا بيان واضح، او حتى نصف مبهم، يشرح أسباب رفض «الشؤون» عقد الجمعية، فكيف بعد كل ذلك يمكن أن نصدق، وفي خضم كل هذه الفوضى وعدم الشفافية، استحقاق رئيس الجمعية لوسام «فخري» من فرنسا؟ ولماذا لم يقم رئيسها بالرد على ما ورد في مقال للزميل نبيل الفضل، وهو نائب في مجلس الأمة وشخص يفترض أنه مطلع وقريب من مراكز اتخاذ القرار بحكم منصبه، من اتهامات خطرة طالت الجمعية وخفايا تأسيسها؟ أو ما ذكره من أن «حدس» (الذراع المحلية لحركة الإخوان المسلمين في الكويت) هي وراء تأسيس الجمعية، فيما يسمى بمرحلة «التمكين»، التي تتمثل في تغلغل الإخوان في نسيج المجتمع الكويتي، وكيف كان صلاح الغزالي وناصر الصانع، حسبما، ورد في مقال الزميل والنائب الفضل، على رأس هذه الحركة؟ وأين الجمعية مما ورد في المقال نفسه من «إخوانية» الجمعية؟ وأن تمويلها يأتي من بعض جهات رسمية في الدولة.
فإذا كانت الجمعية، أو رئاستها الدائمة، عاجزة عن الرد على كل هذا السيل من الاتهامات، فهل لا تزال لمجلس الإدارة شرعية ووجود؟ وما سبب سكوت بقية أعضاء المجلس عن الرد على هذه الاتهامات، على الرغم من خطورتها، وتأثيرها السلبي على كل أنشطة الجمعية وخططها المستقبلية وتقاريرها، وحتى ما سبق أن منحته من جوائز «شفافية» لعشرات الجهات الحكومية؟
وعليه، وفي ضوء كل هذا اللبس والخراب، فإننا نتعهد بعدم السكوت عن تجاوزات هذه الجمعية ولا عن طريقة إدارتها، ونتمنى على بقية أعضاء مجلس الإدارة المبادرة الى تقديم استقالاتهم لوزارة الشؤون، مع السعي لقطع كل صلاتهم المالية وغير المالية بجميع الجهات الرسمية، وبأي حركات أو أحزاب دينية، هذا إن كانت تود الاحتفاظ بمصداقية تقاريرها مستقبلا.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
عطونا نصيبنا من النفط!
قبيضة.. ساحة ارادة.. كرامة وطن.. اقتحام المجلس.. اسقاط ناصر المحمد.. حل المجلس.. انتخابات جديدة.. معارضة قوية.. تعيين جابر المبارك رئيس وزراء.. احمد السعدون رئيسا للمجلس.. عبيد يخطف الاضواء من مسلم.. المعارضة تتفكك.. تعليق الدستور شهرا.. ابطال المجلس الاول.. عودة مجلس 2009.. حل المجلس.. خطاب لن نسمح لك.. هروب مسلم (ينحاش).. المعارضة تموت.. اقرار الصوت الواحد.. انتخابات جديدة.. رئاسة علي الراشد.. ابطال المجلس الثاني.. انتخابات جديدة.. الاسطورة محمد العبدالله يدز ورقة.. علي العمير ينسحب.. مرزوق صار رئيس.. صلح مرزوق وطلال.. الاتحاد صار شرعي.. ماشاء الله.. أحمد يعود.. المعارضة تعود.. سبحان الله.. جاسم يشتكي للنيابة.. ناصر يتفرج.. النيابة لا تحب الخوض.. اذن الجلسة سرية.. بوكس السعدون.. اغلاق الوطن وعالم اليوم.. مسلم صار خبير اقتصاد وبنوك.. الوشيحي يتعصَّر.. احمد لا يريد التسريب.. ناصر مازال يتفرج.. استقالة رياض.. عبدالكريم الكندري يتلاحق عمره ويستقيل.. ثم صفاء.. علي الراشد يعتزل! مرزوق يُعيد احياء المعارضة.. السعدون يتشبب.. المعارضة تتربص.. ناصر ايضاً يتفرج.. السلطة تتعذر.. البرهان يتبخر.. الاسرة تتبعثر.. الكويت تتقهقر.. الشعب يِفرفر! الرئيس يقول المجلس لن ينحل.. المعارضة تقول المجلس سينحل.. الف مبروك! فالشعب كُفرْ بالديمقراطية وطاريها! الشعب صار يطالب بنصيبه ليرحل عن تعاستكم: عطونا نصيبنا.. وموتوا بصراعاتكم.
مزودة العلّامة الكاتبجي
بعد سنوات من الضوء الإعلامي، سواء في الكتابة الصحافية أو في البرامج التلفزيونية، توقفت على جانب الطريق، ونزلت عن راحلتي، وفتحت مزودتي لأتفقد أسلحتي وحاجياتي. متابعة قراءة مزودة العلّامة الكاتبجي
الإصغاء لصاغية!
كنت قد انتهيت للتو من قراءة كتاب الاستاذ العكاري اللبناني حازم صاغية «البعث السوري تاريخ موجز اصدار 2012»، عندما تفجر النقاش حول مقاله الذي نشره في 4/4/2014 وأسماه «الاستقرار دين المرحلة».. وعكّر من خلاله أمزجة من ردوا عليه من الزملاء الاعزاء، وهم عبدالله بن بجاد ومشاري الزايدي وتركي الدخيل، وملخص ما قاله هو نقد حاد لجعل «الاستقرار» وسيلة لتخدير الشعوب ومنع حراكها، واتهم دعاوى الاستقرار بأنها المسؤولة عن توحش الشعوب وبربريتها ونزع انسانيتها! وعجبي يا استاذ حازم لما كتبت.
***
وأذكر الزميل صاغية، وهو الكاتب والمؤرخ، بما حدث في بلده في 13/4/1975 عندما بدأت الاحداث اللبنانية كما سميت حينها بواقعة «باص عين الرمانة»، وقد رفض حينها رئيس الحكومة رشيد الصلح انزال الجيش لوقفها، وفي 23/5/197(5) ولم تكن حالة الانفلات قد سميت بعد بالحرب الاهلية- تم تشكيل اول حكومة عسكرية في تاريخ لبنان برئاسة العقيد نور الدين الرفاعي بقصد وقف الاقتتال ونزع اسلحة الميليشيات وفرض «الاستقرار» الامني، وكانت لبنان مرشحة بالفعل لان تكون «سويسرا الشرق» بعد بدء تدفق مليارات البترودولار عليها.
***
حينها اجتمعت قيادات العمل الوطني بتاريخ 24/5/1975 في منزل المفتي حسن خالد بحضور الرئيس رشيد كرامي والزعيم كمال جنبلاط وقيادات يسارية وفلسطينية، وقالوا بالامس ما يقوله الاستاذ صاغية اليوم، وهو ان الديموقراطية اللبنانية واعرافها وديكوراتها هي المهم ومقدمة على مطلب «الاستقرار الامني»، فسقطت نتيجة لذلك وفي اليوم التالي الحكومة العسكرية، وتفشت الفوضى وعمليات الاقتتال والاغتيال التي كان اول ضحايا من رفضوا خيار الاستقرار الامني، ونعني المفتي وكرامي وجنبلاط، وبدأت الحرب الاهلية في الاتساع حتى استمرت لمدة 15 عاما على ارض لا تزيد مساحتها على 10 آلاف كم2، اي ما يقارب مجموع سنوات الحروب الاهلية الاميركية (186(1) 1865) والروسية (191(7)1921) والصينية (194(5)1949) والاسبانية (193(6)1939).
***
والسؤال المهم هو: لو عاد التاريخ لذلك اليوم من مايو 75، فهل سيفضل الاستاذ حازم صاغية وغيره من اللبنانيين ان تعطى الاولوية «للاستقرار الامني» والبناء وحفظ الدماء عبر القبول بحكومة عسكرية مؤقتة قد تكون قد شكلت من خارج رحم الدستور وقواعد اللعبة الديموقراطية اللبنانية الا انها تحقن الدماء وتحقق الإنماء والازدهار؟ ام ان الافضل التمسك بدعاوى ان الديموقراطية هي الخيار الذي تصغر امامه ويقبل من خلاله كل الدماء والدمار الذي حل بلبنان وخلق حالة عدم استقرار سياسي وامني ما زالت قائمة حتى يومنا هذا؟!
***
آخر محطة: (1) لإيضاح حقيقة ان الاستقرار الذي يحفظ كرامة الانسان هو الحياة، وان الفوضى هي الموت، نسأل: هل يفضل الانسان العيش هو وابناؤه في بلد مثل لبنان لا استقرار امني فيه وبالتبعية لا كهرباء ولا بنى اساسية متوافرة او خدمة صحية وتعليمية وبيئية متميزة، ويحتل مرتبة متأخرة في مؤشرات الشفافية ومتدنية في معدلات الدخل الا انه يستمتع بديموقراطية كاملة الدسم وحريات لا حدود لها؟! أم العيش في سنغافورة التي يسكنها العدد نفسه من السكان وان قلت كثيرا عن لبنان في المساحة ولا تتمتع بمستوى الديموقراطية والحريات اللبنانية، الا انها تزيد عنه كثيرا في معدلات دخل الفرد، حيث تحتل المركز الثالث على مستوى العالم مقابل المرتبة الـ 68 للبنان وتحظى بموقع متقدم جدا في مؤشرات الشفافية وجودة الخدمات الصحية والتعليمية والبيئية ومستوى القوة العسكرية؟!
(2) الشعب اللبناني مكون تقريبا من عنصر واحد هو «العربي»، وينقسم الى ديانتين سماويتين، بينما تنقسم سنغافورة الى 3 اعراق و3 ديانات مختلفة تماما، ومع ذلك نجد ان الشعب اللبناني اغلبه مهاجر، ولو فتح الباب للباقي لما بقي احد في جنة الديموقراطيات والحريات، بينما ندر ان تجد سنغافوريا مغتربا، وفي هذا الاجابة الفاصلة والعملية عن سؤال: ايهما افضل لكرامة الانسان، العيش في بلد مستقر دون ديموقراطية ام في بلد ديموقراطي دون استقرار؟
هل كنا أفضل حالاً؟!
أليست مصر أيام مبارك أفضل من مصر اليوم، فرغم الفساد وكل مظاهر الاستبداد واحتكار السلطة في العهد المباركي، فإن الاقتصاد والأمن كانا أفضل حالاً من بعد ثورة يناير، والانقلاب على الثورة في حركة 30 يونيو. أليست سورية الأمس وقبل الثورة ضد نظام الأسد كانت أفضل؟ فلم تكن هناك براميل متفجرة، وأجساد أطفال دفنت في ركام التفجيرات، ورؤوس مقطوعة في أوعية طبخ، وبشر مصلوبون في الساحات العامة، أو كنائس مطلية بالسواد، ولم يكن المسيحيون يدفعون الجزية لعصابات داعش، ولم يكن ثلث الشعب السوري مشرداً في الداخل والخارج!
ماذا عن اليمن؟ ألم يكن متحداً ودولة شبه مستقرة في عهد الرئيس "المعجزة" علي عبدالله صالح، والآن يحيا في مستنقع الحركات الانفصالية، سواء من الحوثيين أو من أهل الجنوب، أما ليبيا فقد غابت دولة القذافي وقبيلته لتحل محلها اللادولة وتقسم واقعاً بين القبائل وثوار الأمس! أما العراق المحرر من حكم الفاشي صدام، فماذا بقي منه اليوم؟ نظام طائفي أقصى أهل السنة جملة وتفصيلاً، وتفتت العراق بين أكراد وعرب سنة وشيعة، ومشروع "داعش" يمضي قدماً في أرض السواد.
ماذا بقي من دول الربيع العربي، إذا استثنينا تونس؟ وهي حالة فردية ترك "تراث" بورقيبة بصماته على المجتمع المدني، وجاء حزب النهضة بقيادة الغنوشي الذي استوعب ضرورة المشاركة السياسية مع العلمانيين المختلفين معه، ووضع تونس على الطريق الصحيح، هل يصح القياس على تونس، واستلهام تجربتها؟! يمكن لو كانت "الظروف التاريخية" في دول الربيع متقاربة من تونس، لكنها لم تكن كذلك… فتونس تبقى أقرب لدول شرق أوروبا في تغيرات الثورات البرتقالية منها من عوالم الكر والفر العربية.
التساؤلات السابقة طرحتها تقريباً جريدة إيكونومست قبل فترة بعنوان "درس من الجزائر"، بعد انتخاب الرئيس بوتفليقة، لتنته الجريدة باستنتاج بأن بقاء الحال من المحال، وأن عبارة "كنا أفضل حالاً" قبل ثورات الربيع "الخريفي" لا تعني غير استمرار أنظمة الطغيان والفساد، ولو تأخرت "ثورات" ذلك الربيع فهي ستأتي، حتماً، بالغد، فالشعوب العربية تستحق حقها في الحرية والديمقراطية. هذا الاستنتاج صحيح، لكن هل يمكن للضحايا في دول الربيع أن يستوعبوا هذا الدرس؟ وإلى متى يستمر هذا الربيع المظلم، ويتحول إلى ربيع حقيقي..؟! هذا بعلم الغيب.
بودرة الأذن
كنت أعتقد، قبل رحلتي الأخيرة إلى اليابان، أن البشر جميعاً يتساوون في شكل ونوع ما تفرزه أجسامهم من مواد، ومنها إفرازات الأذن. ولكن حقيقة طريفة دفعتني للبحث أكثر في الموضوع. ففي الفندق الذي أقمنا فيه في أوساكا، اليابان، وجدت، بين المواد التي عادة ما توفرها الفنادق لنزلائها، أن الأعواد البلاستيكية التي تستخدم لتنظيف الأذنين مختلفة عما اعتدنا عليه، ففي أحد طرفيها كرة قطن صغيرة، وفي الطرف الآخر ملعقة بلاستيكية صغيرة! واعتقدت أنها تستعمل لـ«هرش» الآذان، وعندما استخدمتها شعرت بالألم، وبالسؤال قيل لي إنها تستخدم لتنظيف الأذنين، وبالسؤال أكثر قيل لي إن اليابانيين يختلفون عن بقية شعوب الأرض في أن آذانهم لا تفرز المادة الشمعية الصفراء اللزجة التي تفرزها آذاننا، بل تتكون بداخلها مواد تشبه الكلس في صلابتها، وتتطلب إزالتها كشطها بملعقة صلبة صغيرة! استنكرت الجواب، وقمت بالبحث في الإنترنت، فتبين لي صحة ما ذُكر لي، وتبين لي أيضا أن الأمر يشمل شعوباً كثيرة أخرى، ولا يقتصر على اليابانيين. وقد شكلت تلك الظاهرة لغزا لفترة طويلة، إلى أن تمكن العلماء من تحديد الجين الذي يتسبب في اختلاف صلابة شمع الأذن الذي تفرزه آذان البعض عن غيرهم. وقد بينت الآثار في أوروبا أن الرومان سبق أن استخدموا أدوات حادة في تنظيف آذانهم.
المهم في موضوعنا هنا أن الغالبية تقوم، يوميا تقريبا، بإزالة المادة الشمعية من آذانها. ويفترض طبياً خطأ هذا التصرف، فالآذان تقوم بالعناية بنفسها، وتطرد الشمع الزائد للخارج، ليتبخر من تلقاء نفسه، واستخدام الرأس القطني، أو الملعقة الحادة في «التنظيف» تصرّف لا داعي له غالبا، فهو يُفقد الأذن الحماية اللازمة. فما تفرزه الأذن يبقي مجرى السمع محصناً، ويمنع دخول الشوائب، وبالتالي علينا التوقف عن عادة تنظيف الأذنين بصورة مستمرة، وحتى لو شعرنا بآلام بسيطة فيها، فإن من الخطأ الإسراف في تنظيفها، أو وضع سوائل كالشمع الحار أو زيت الزيتون الدافئ فيها، بل أن نبقيها كما هي، مع تنظيف الأذنين، إن لزم الأمر، من الخارج فقط.
***
هذه الملاحظة قد لا تعجب الكثيرين!
أؤيد استقالات النواب العدساني والكندري والقويعان. وأتمنى أن يحذو نواب آخرون حذوهم، فقد تدهور الوضع السياسي إلى درجة لا تُطاق!
أحمد الصراف





