سعيد محمد سعيد

تعالوا نستنشق عطرا جميلا

 

لستم، وأنا معكم، نرغب في الكتابات الطاحنة التي أصبحت تشق علينا، لذلك، كتبت وأرسلت هذه القصص إلى مئات الناس، لكنني وددت اليوم أن نعيد قراءتها معا، حتى بالنسبة إلى أولئك الذين قرأوها سابقا، فهي واحدة من القصص التي تزيل عنا الكثير من (عفن النفوس)… من كتاب: «إنها ملكة» للشيخ محمد عبدالرحمن العريفي:

حين أسري بالنبي (ص)، شم عليه الصلاة والسلام ريحا طيبة، فقال: «يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة؟»، قال:»إنها ريح قبر الماشطة وبنيها وزوجها»… وهنا القصة:

انتشر أمر موسى (ع) وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرا مستمرا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون في قصره في حال غليان مستمر يمشي ذهابا وإيابا، يفكر في أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وبشأن أتباعه، فأرسل في طلب رئيس وزرائه هامان؛ ليبحثا معا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض على كل من يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون جنوده في البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء من المؤمنين باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع من شدة الألم، ووطأة التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.

وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب، فزاد البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛ خوفا من فرعون وجبروته واستعلائه في الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار بدينهم بعيدا عن أعين فرعون.

وكان في قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين آمنوا، وكتموا الإيمان في قلوبهم، وذات مرة، كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها كل يوم، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت: بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت: لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه، فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم تخف، فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك في القصر من يكفر به، فلما سمع فرعون ذلك؛ اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها: أَوَلكِ ربٌّ غيري؟! قالت: نعم، ربي وربك اللَّه. وهنا جُنَّ جنونه، فأمر بإحضار وعاء ضخم من نحاس مليء بالزيت وإيقاد النار فيه، وإلقائها هي وأولادها فيه، فما كان من المرأة إلاَّ أن قالت لفرعون: إن لي إليك حاجة، فقال لها: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي فى ثوب واحد وتدفننا، فقال: ذلك علينا. ثم أمر بإلقاء أولادها واحدا تِلْوَ الآخر، والأم ترى ما يحدث لفلذات كبدها، وهى صابرة محتسبة، فالأولاد يصرخون أمامها، ثم يموتون حرقا، وهي لا تستطيع أن تفعل لهم شيئا، حتى أنطق اللَّه عز وجل آخر أولادها – وهو طفل رضيع – إذ قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.

فاقتحمتْ المرأة مع أولادها الزيت المغلي، وهي تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها، فضَربتْ بذلك مثالا طيبا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها، وتصبر فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلا تخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين، وماتت ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء في سبيل الله، بعدما ضربوا أروع مثال في التضحية والصبر والفداء.

(انتهت القصة، أما نحن، أبناء الإسلام اليوم، فدعونا ننشغل بالقتال الطائفي بما فيه من غباء وجهل وتخلف واستعراض لقوة لا تظهر إلا على بعضنا بعضا).

سعيد محمد سعيد

أسمع كلامك يعجبني…

 

ليس عن طريق المصادفة، إنما رغبة في فهم أسباب كذب المشرفين على بعض المنتديات الطائفية وكذب أذنابهم وأذناب أذنابهم، اطلعت على «شروط» بعضها! تشعر وأنت تقرأ تلك الشروط، وكأنك في مكان مقدس لا يقبل بالمساس لا بالأديان ولا بالبشر ولا بالطوائف ولا حتى بالدعاء على الظالم المستبد المستحل لحرم الله… تشعر وكأن هذه الشروط نبعت من قلب كبير، يشابه قلوب الأنبياء والأولياء الصالحين…

هكذا تشعر… هذا مع الاعتبار إلى أنك تشعر بشيء، وترى أمامك شيئا آخر، ما يكشف زيف وكذب وازدواجية ومرض من وضع تلك الشروط وغباء من يصدقها أيضا… لأن كل ما تقرأه في تلك المنتديات، ما هو إلا طائفي بحت، بل وفيه تحريض على حرب طائفية حامية الوطيس بين الناس في البلد…

سأقدم إليك ما هو مكتوب نصا في شروط أحد المنتديات البحرينية الشهيرة، التي يعرفها الجميع:

– تأكيد الهوية الإسلامية والعربية لمملكة البحرين والحفاظ عليها، تماشيا مع دستور مملكة البحرين.

أقول: تبلغ نسبة الموضوعات والمشاركة الهدامة العدائية في ذلك المنتدى نحو 60 في المئة (طبقا لحسبة بسيطة أجريتها خلال شهر كامل لمحتوى ذلك المنتدى).

– خدمة المجتمع البحريني إمّا بطريقة مباشرة عن طريق فريق الفعاليات الخارجية وجهود التنسيق الخارجي، أو من خلال تقديم مادة تثقيفية مدروسة ترتقي بوعي الأعضاء.

أقول: أفضل خدمة يقدمها الموقع للمجتمع البحريني هو أن يخجل من نفسه، ويغلق.

– رفع اسم البحرين عاليا من خلال التعريف بالنشاطات الثقافية والسياحية والمناسبات الوطنية.

أقول: لا أحد يستطيع أن يكذب عينه وهو يرى ويقرأ التقارير والمشاركات الطائفية الموغلة في البغض والحقد، ولا علاقة لهذا الموقع بأية صورة حضارية للبلد إطلاقا.

– استكشاف المبدعين والموهوبين في جميع المجالات وإعطاؤهم الفرصة لإظهار إبداعاتهم وتقديمها للمجتمع.

أقول: أتحدى إدارة الموقع أن تكون قد فعلت شيئا من هذا القبيل!

– الحث على الأخلاق الحميدة وتحبيب النفوس لعمل الخير بجميع ألوانه من دون تمييز ديني أو مذهبي.

أقول: أما هذه بصراحة، فهي مئة في المئة، تنطبق على هذا المنتدى «المغرض» من دون تمييز ديني أو مذهبي.

– تبني الثقافات والأفكار التي تساهم في مواجهة جميع أنواع الغزو الغربي مع الاهتمام بالجوانب الإيجابية من الحضارة الغربية.

أقول: صح الله لسانكم!

– رفع الوعي فيما يتعلق بالقضايا والمخاطر التي تهمّ المسلمين والعرب وتقديم المساندة المعنوية للشعوب المعرضة للأخطار.

(وأولها العمل على تفتيت كل مجتمع على حدة من خلال مجموعة قليلة من الأعضاء ذوي الأسماء المستعارة بالعشرات، مختلفون من ناحية العمر والانتماء السياسي والمذهبي، لكنهم مجتمعون في أمر واحد… وهو أنهم كلهم مرضى نفسانيون حمانا الله منهم).

سيقول قائل: وماذا عن المنتديات الطائفية في القرى؟ فنقول: كلكم في الهواء سواء…

سعيد محمد سعيد

لا تقرأوا هذا الموضوع!

 

يسمى يوم الأول من مايو «عيد العمال»!

جميل هو هذا اليوم ورائعة هي تسميته، وخصوصا أن المفردتين كبيرتان وعظيمتان: عيد… وعمال! ولربما اختصرتا كل ما في حياتنا اليوم… حياة العمل والشقاء والكدح، بحثا عن لحظات السعادة والعيد… لأن العمل عبادة.

واليوم أيضا، لا أود الحديث كثيرا عن يوم العمال العالمي، بل سأذكر الجميع بهدف مهم من أهداف الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وهو ما نبحث عنه جميعا، لأننا جميعا «عمال» في هذا الوطن الجميل ونفخر بذلك! لا يهمني كائن من يكون حين يقول عني: «هندي الخليج» أو «كولي الخليج» أو «كومار الخليج».

في نظامه الأساسي، وفي قائمة أهدافه، فإن الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين يهدف إلى رفع الكفاية الإنتاجية للعمال ورعاية مصالحهم وتحسين حالتهم المادية والاجتماعية، وهو يمثل العمال أمام القضاء، والعمل على تسوية المنازعات العمالية بالمنشآت التي لم تكن بها نقابات تحقيقا لأهداف رئيسية منها:

– العمل على تنمية وتطوير التنظيم العمالي في مملكة البحرين ليرتقي إلى مستوى ما نصت عليه الاتفاقات العربية والدولية في شأن التنظيمات العمالية.

– صيانة حقوق ومصالح عمال البحرين وتحسين شروط وأوضاع عملهم.

– العمل على رفع مستوى الصحة والسلامة المهنية وتحسين المستوى الثقافي والاجتماعي لعمال البحرين ومساندة الجهود الرامية إلى محو الأمية.

– العمل على رفع الكفاية الإنتاجية بتوفير أفضل الخدمات الاجتماعية والتدريبية لضمان الاستقرار في العلاقات ما بين أطراف الإنتاج.

– تعميم اللجان العمالية في منشآت مختلف القطاعات الإنتاجية والخدماتية.

نلاحظ أن تحسين مستوى المعيشة بالنسبة إلى العمال هو ركن أصيل من أهداف الاتحاد العام لعمال البحرين، لذلك، ونحن اليوم نعيش أوضاعا مضطربة من مختلف النواحي، لابد من التذكير، بأن هناك دعوة «لعدم الشراء اليوم»! لا أدري من أين جاءت هذه الدعوة، لكن حتى وإن كانت قادمة من الجحيم، فإنني واحد من الناس، واحتفالا بعيد العمال، سأكون ملبيا للدعوة بعدم شراء شيء اليوم من السوق الذي يلاحقنا بالنيران المشتعلة كل يوم.

وبالنسبة إلي، أجدها مصادفة عظيمة، أن تتزامن الدعوة مع عيد العمال الذين كانوا ولا يزالون يكدحون ويكسبون الرزق من صلب الظروف وقساوة الأيام! فأكثر ما يؤرقنا اليوم، هو أحوالنا المعيشية التي أصبحت تتردى يوما بعد يوم ويزيدها الغلاء الفاحش ألما على ألم.

قبل أن أختم، هناك سؤال لم أجد له إجابة: تنطلق المسيرات والاعتصامات الواحدة تلو الأخرى وكلها مكفولة ومنظمة من جانب جهة ما: رفض فتح سفارة في بغداد… مسيرة قانون الأسرة… مسيرة التجنيس… مسيرة الإفراج عن المعتقلين… مسيرة المطالبة بإعدام القتلة… مسيرة المطالبة بدستور 73… اعتصام التضامن مع غزة ومع الشعب الفلسطيني… مسيرة… ومسيرة ومسيرة..

بالله عليكم، حتى الآن ولم نجد جهة تبادر وتتكرم علينا بتنظيم مسيرة أو اعتصام «عظيم» لمواجهة غول غلاء الأسعار بمشاركة كل مواطن بحريني يحترق بنار الغلاء؟

نعيب زماننا والعيب فينا…

على كل حال، كل عام والجميع بخير؟

سعيد محمد سعيد

ألف مبروك لشعب البحرين!

 

كان يوم الخميس الماضي، يوما من أروع الأيام التي عاشتها البلد، لا بالنسبة إلى كل شعب البحرين، بل لفئات سياسية ودينية وبرلمانية وأذناب تتبعهم وأشياع تشايعهم، إذ كان ذلك اليوم وسيكون واحدا من الأيام التي ستؤرخ بماء الذهب كشفا لحقيقة النوايا والمواقف والعلاقات بين أطراف بعينها، لم تخرج مع شديد الأسف عن نوايا الحقد والاقتتال الخفي والتفتيت الطائفي والقادم… الله يستر من القادم!

كان يوما فيه رايات النصر ارتفعت، واستهلت وجوه وابتسمت، واكفهرت أخرى وضجرت، فبان للقاصي والداني ما كان ظاهرا أصلا وازداد بروزا وتألقا… هي ذلك الوجه الحقيقي للسلطة التشريعية في البحرين، ذات النفس الطائفي حينا، والصبياني حينا آخر، واللامسئول في أحيان أخرى، حتى كان سقوط كتلة «الوفاق» في استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله سقوطا مدويا سقطت معه طائفة كبيرة، وكان انتصار الشيخ انتصارا مظفرا ارتفعت فيه راية طائفة أخرى، لتظهر حقيقة موجعة من خلال عناوين الصحف والقبلات والاحتفالات والاستفزازات وهي: لا عهد لنا صراحة، بالديمقراطية مع شديد الأسف… فهي ليست لنا ونحن لسنا لها، إنما نحن قوم أردنا أن نمثل الديمقراطية، وعمر التطبع… عمره، لا يغلب الطبع، ولن يغلبه.

عموما، هي بشارات خير وبركة لشعب البحرين، الذي ما كان، في غالبيته العظمى، منساقا وراء الخطوط والتيارات والمسارات بشتى أنواعها، التي أفرزت المجتمع فرزا طائفيا ستكون الدولة مسئولة عنه، وسيكون كل نائب مسئولا عنه، وسيكون كل من كتب سطرا في الظلام مسئولا عنه… أقول إن الغالبية العظمى من شعب البحرين، لم تكن لتنتظر خيرا من استجواب مضى وآخر قادم، قدر انتظارها أن تنتهي تلك الاستجوابات والسلام، فهم، وإن كانوا، وأنا معهم، ندرك أهمية تصحيح أخطاء الماضي، وتحديد المواقع والوقائع التي أصابت البلد بمقتل، أو بمرض عضال سيكبر ويكبر يوما بعد يوم لتتأثر ديموغرافيا البلد ويتأثر نسيجها الاجتماعي ويتأثر اقتصادها وتعليمها وإنتاجها ومستقبلها… على رغم أننا نعلم كل ذلك، لكن ما نعلمه بدرجة أكثر دقة، هي تلك الاصطفافات الطائفية التي لم ولن يمكن أن تكون شكلا من أشكال الممارسة الديمقراطية في مجتمع يفخر بأنه الأول في كل شيء: الأول في التعليم… الأول في نسبة المثقفين… الأول على مستوى التاريخ والحضارة والمستقبل… الأول على مستوى الجودة… الأول على مستوى رعاية الفئات الاجتماعية… الأول على مستوى التنمية الاجتماعية… والأول أيضا على مستوى الفنون والمهارات الطائفية.

غالبية شعب البحرين الذي أردنا له أن يفرح ويشارك في يوم الانتصار العظيم بكل فخر واعتزاز، من قبل الطائفة السنية الكريمة، ويقدم التعازي وعبارات «الهارد لك مرة ثانية وتحطه في الثمانية» للطائفة الشيعية الكريمة… غالبيتهم لم يفرح، وإن حاول البعض من الفريق الأول أن يغصب خلق الله على الفرح فلم يظفر، وحاول البعض من الفريق الثاني أن يجبر الناس على تحويل الهزيمة إلى انتصار، فلم يظفر أيضا… لأن الناس يا جماعة، شبعت من الفتنة الطائفية بكل أشكالها وألوانها، حتى وجدتها «منتنة»، واقتنع الآلاف من أهل البلد بأن الأصلح والأبقى أن يظل الناس في صفاء نفس مع بعضهم بعضا، لا أن يسير المجتمع وفقا لبوصلة التيار الذي يقوده… مل الناس، وسئموا هذه الأوضاع، وهم يعيشون كل يوم في جوع… نعم جوع! هل منا من لم يدرك معنى هذه المفردة بعد؟

غالبية شعب البحرين، ليسوا مكترثين للصوص والحرامية والمفسدين في الوطن، ولم يعودوا يكترثون لمن شمر عن ساعديه معلنا الحرب على من يعبث بأمن البلد ومال البلد واستقرار البلد، لكنهم ينتظرون أن تنتهي كل هذه المسرحيات، ولعل الطريق قد بدأ في الوضوح… لعلهم ولعلنا اليوم، ننتظر بفارغ الصبر أن ينتهي استجواب وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب، منتصرا مظفرا معززا مكرما (تحقيقا للتوازن المفروض الذي تعرفونه) حتى تبدأ الحكومة في إعادة النظر… كل النظر في أوضاعنا كمواطنين: «نبغي سكن، نبغي فلوس ورواتب مجزية… نبغي أدوية أسعارها معقولة… نبغي تعليم متطور… نبغي ندحر الغلاء الفاحش… نبغي نسمم الطائفية ونفتك… نبغي أحد يؤدب المتنفذين بالقانون… نبغي نعيش… والله العظيم نبغي نعيش»!

سعيد محمد سعيد

هيئة «لتشجيع» الطائفية!

 

في فبراير/ شباط من العام 2006، طرحت فكرة متواضعة من خلال هذه المساحة، اقترحت من خلالها تشكيل هيئة وطنية للتصدي للممارسات الطائفية ومكافحتها، إذ تتصدرها مجموعة من الشخصيات والوجوه البحرينية المشهود لها بالعمل المخلص والجاد لخدمة البلد وأهل البلد…

وحينها، وجد بعض القراء، وبعض المعارف والأحبة، فرصة للتندر، فمن قائل: إنك تؤذن في مالطا! ومن متشنج إلى درجة الغضب الشديد بسبب قناعته وإيمانه بأن الطائفية في بلادنا لن تكون لها «نهاية» بسبب رغبة رؤوس كبيرة في الدولة، ومجموعة من المتنفذين، وعصابة من الطائفيين من يملكون السلطة والمال والقانون لتحقيق مكتسبات فئوية… وآخر كان تعليقه متشائما إلى أبعد الحدود حين قال: «هذا يعني أن كل من يعيش في البلد سيتعرض للمساءلة لأننا جميعا طائفيون»، لكن أفضل التعليقات تلك التي طالب فيها أحدهم بتشكيل هيئة «لتشجيع» الطائفية وليس لمكافحتها!

والمعنى في قلب الشاعر…!

كتبت سابقا، أن من الأماني الكبيرة، والطموحات الخالصة، أن تتشكل لدينا في البلاد – وعلى المستويين الشعبي والحكومي – هيئة وطنية تمتلك القوة للتصدي لكل أشكال الطائفية وممارساتها في البلاد.

كانت تلك الفكرة، وغيرها الكثير، من الأفكار التي راودت محدثكم العبد لله على مدى سنوات، لكن مجرد طرح الفكرة على بعض الناس كان يقود إلى حال من الترهيب اللامحدود: «أنت بذلك تريد أن تقول إن البلد غارقة في الطائفية أليس كذلك؟ قف عند حدك» أو من قائل: «الكل في بلادنا يحارب الطائفية… الكل جند مجندة ضد الطائفية، فلم هذه الهيئة وما أدراك ما الهيئات؟ ثم مجرد الفكرة تعني أنك… طائفي».

على أي حال، لا يمكننا أن ننكر حقائق نعايشها بشكل يومي… الطائفية التي لا تريد الحكومة أن تضربها (بيد من حديد)، ولا يريد المواطنون مواجهتها بمواقف حقيقية نابعة من المسئولية الوطنية، ولا يريد أحد كائن من يكون، أن يعترف بها لكي يتخذ منها موقفا يرضاه ضميره… بل على العكس من ذلك، هناك من يتبنى النفس الطائفي البغيض وبصورة تخلو من الإحساس بالمسئولية…

ليس مهما أن يكون كاتبا أو كاتبة صحافية معروفة ومرموقة لكي يتفق الناس على أنه/ أنها من عباقرة زمانهم، وأنهم يقولون القول الفصل حين يتحدثون عن قضية لها صبغة طائفية بحتة! وليس صحيحا أن يخرج علينا نائب أطلق المجال للحيته، ولأنه تعلم بعض أصول تجويد قراءة القرآن الكريم، وصلى بالناس جماعة أو جمعة وخطب فيهم خطبتين، فإنه بذلك ولي الله الصالح الذي تنزه عن الأخطاء وعصم نفسه عن الوقوع في الزلل! وأنه حقيقة، ذلك الإنسان الذي يمتلك صكوكا خاصة ليدخل هذا الجنة ويرمي بالآخر على وجهه في النار وبئس المصير!

لقد مرت البلاد، عبر العقود الثلاثة الماضية بتحولات مهمة وخصوصا على صعيد العلاقة بين السلطة والشعب… بين القيادة والمواطنين، ومع ذلك، لاتزال المعضلة الطائفية قائمة… والغريب في الأمر أنها تتحرك تبعا للمصدر، فإن كان المحرك شيعيا فالطائفة كلها متهمة، وإن كان المحرك سنيا فإن الحكومة والطائفة السنية متهمة… وتقتلك الحيرة حين تجد رموزا ووجهاء وشخصيات دينية ومسئولين… يتورطون في الطائفية!

ختاما، أنا شخصيا، لست متفائلا أبدا بأن هناك توجها لضرب الطائفية بيد من حديد… وفي القادم من الأيام، سأحاول تقديم ما يعزز كلامي.

سعيد محمد سعيد

أهالي القرى المجرمون

 

أخيرا، قرر أحد الإخوة المصريين المجازفة والتضحية بحياته والذهاب إلى عقد قران صديق له يعيش في إحدى قرى شارع البديع…

ذلك الرجل، منذ جاء إلى بلادنا قبل أربع سنوات، لم يزر الكثير من القرى… وخصوصا تلك (طيبة الذكر) الواقعة على شارع البديع (طيب الذكر أيضا) لسبب ما يسمعه من أحد الوافدين من قصص يندى لها الجبين، وبسبب ما يقرأه في أحد المنتديات (الأمينة، الصادقة، الوطنية، المخلصة) من موضوعات وقصص عن إجرام أهالي القرى وأحقادهم الدفينة وولائهم للصفوية ولإيران، ولوحشية شباب القرى وشيوخهم، بل وحتى العجائز هناك… كل ذلك جعله يرجو السلامة؟ فما له وما للقرى وزيارتها… «وفيها إيه يعني؟ وعشان إيه أروح في شربة ميه؟ تتفلئ بأه».

المهم أن صديقنا المصري – كما قلت لكم – جازف بحياته وذهب لتقديم التهنئة إلى زميله في العمل، سعيدا بعبارة (وبحضوركم تكتمل المسرات)، حتى لو راح «في شربة ميه»!

بعد تلك الزيارة، خرج محدثنا بانطباع آخر… فلم يهدد حياته أحد حين سأل الناس عن المأتم الذي يجري فيه عقد القران… بل وجد من يقوده إلى باب المكان… ولم ير حملة «المولوتوف» و «السلندرات» يطاردونه ليقصفوا عمره، كونه من أولئك الدخلاء العملاء أعداء أبناء الوطن… وفي جلسته مع المهنئين، وجد زملاء آخرين: عربي، آسيوي، بل وهولندي أيضا… كلهم جالسون بأمان…

تغيّرت نظرة صاحبنا ليكتشف كذب المكذبين الذين كانوا ولايزالون يفصلون الكذبة تفصيلا على القرى وأهالي القرى ليصبحوا (هم) أهل الولاء الصادق، أما أهالي القرى فهم (صفويون) مجرمون!

قال لي الأخ المصري إنه وجد شكلا آخر لعامة أهل القرى من ناحية الكرم والطيب… وكان يتوقع أن يسمع كلاما وهمزا ولمزا… ولربما هددنه بعض الملثمين! لكن شيئا من ذلك لم يحدث… حتى أنه وجدت من خلال الحديث مع اثنين من الشباب أنهما يعملان في وزارة الداخلية ومن قريتهم هناك نحو 13 من الجيران يعملون في الداخلية! وهذا الأمر أصابه بالاستغراب! ثمة شيء آخر اكتشفه وهو أن الحديث عن السياسة في مثل هذه المناسبات يأخذ مجراه أيضا لكن في حد يسير، وقد سمع للمرة الأولى أن أهالي القرى ليسوا هواة قتل خلق الله بـ «المولوتوف» أو تخريب البلد وحرقها بـ «السلندرات» وما شابه، لكنهم أصحاب مطالب حالهم حال أي مواطن محترم في دولة محترمة، يعبر فيها عما يشاء لايصال مطالبه، لكن للأسف يقع العنف أحيانا من أكثر من جهة، وهذا ما لا يريده الجميع.

لا نحتاج إلى كلام أخينا المصري كشهادة، فقرى البحرين هي أرض الكرم وطيب القلوب والمحبة المنسوخة من روعة النخيل.. لكن من أجل أن نقول لمثيري الكراهية: سلاما سلاما.

وقبل الختام أريد القول إنه بعد الحوادث المؤسفة الأخيرة، مرت أيام هادئة، واجتزنا إجازة نهاية أسبوع هادئة أيضا… فإن كان ذلك ممكنا في أسبوع، ألا يمكن أن يكون الأمر مستمرا؟!

الإجابة لدى الحكومة، ولدى المعارضة، ولدى الرموز السياسية والدينية ذات الاتجاه المعتدل.

سعيد محمد سعيد

مولوتوف وقمع وطائفية!

 

يبدو أن المفردات الثلاث أعلاه، تحتاج إلى أكثر من الموافقة على قوانين وتشريعات! فما فائدة القوانين في مجتمع أو بلد لا تحترم قوانينها؟ وما الذي يضمن سلامة المجتمع بالمزيد من القوانين طالما هناك فئات متعددة، ومن مختلف طبقات المجتمع اعتادت على عدم احترام القانون أو الاعتراف به، بل… مع شديد الأسف، دوسه من دون مبالاة ولا اكتراث؟

المفردات الثلاث: «المولوتوف – القمع – الطائفية»، هي بالنسبة إلي في قاموسي، مترادفات تعطي المعنى نفسه، فغياب العدالة الاجتماعية في البلد، يقود إلى حال من التمييز، فتتكاثر فيروسات الطائفية وتنتشر، ثم مع انتشارها تتسع رقعة المصابين بأوبئة الجوع والفقر والمرض والحرمان، وهذه تدفع في اتجاه مضاد للمجتمع، فيخرج المحروم ليطالب بحقه، ومع شدة المطالبة، سلمية من جهة وهي مقبولة، عنيفة من جهة أخرى وهي مرفوضة، يظهر ذلك السلاح الذي يروج له البعض بأنه «دفاع» عن النفس، ألا وهو زجاجات المولوتوف الحارقة، التي تعتبر معادلا موضوعيا لأسلحة القمع والسحق والهجوم المقصود والعقاب الجماعي… وماذا بعد؟

تزداد قائمة المتضررين من كل هذا وذاك: نصبح جميعا كوننا مواطنين ضحايا لغياب العدالة الاجتماعية، وضحايا للطائفية، وضحايا للقمع، وضحايا للمولوتوف؟ لكن، هل سنصل إلى بر الأمان بعد مكاشفة صريحة وتحركات على مستوى مؤسسة الحكم والرموز الدينية والسياسية في الداخل والخارج لكي نقضي على كل تلك الصور، وإن كان ذلك مستحيلا، ليصبح الصوت المطالب، هو الصوت المحترم في البلد أيا كان اتجاهه المذهبي أو ميوله السياسي؟

ذلك لن يحدث؟ لأن المصيبة أكبر بكثير مما نتصور؟ هي أكبر من القانون وأكبر من الاضطراب الأمني وأكبر من عمليات الكر والفر والمجهول… ذلك المجهول الذي زهق روح الشاخوري، وذلك الكر والفر الذي زهق روح محمد جمعة وعلي جاسم، وهو ذاته الجو الذي زهقت فيه روح ماجد أصغر علي، وهو ذاته الجو الذي تزهق فيه أرواحنا وأرواح أطفالنا وروح ديرتنا، فيما هناك من يتلذذ… من الفئات المخربة التي ذكرتها في الأسبوع الماضي التي شملت ذوي النفوذ، والعصابات السرية، وخطباء الدمار والطائفية، وحملة المولوتوف والسلندرات، والملثمين المجهولين، وأي جهاز حكومي يتلذذ بتعذيب المواطنين.

نعم، لقد تم تمرير مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 والمرافق للمرسوم الملكي رقم (7) لسنة 2008م، والمتعلقة بتجريم المولوتوف، بعد أن وافق مجلس النواب بغالبية الأصوات على تقرير لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بشأنه محيلا إياه إلى مجلس الشورى بصفة الاستعجال، بعد التفاتة النائب غانم البوعينين بتصحيح عبارة: «حيازة العبوات بقصد استخدامها لتعريض أموال الناس أو الأموال العامة أو الخاصة للخطر».

بالنسبة إلي، لست مع استخدام المولوتوف حتى قبل أن تتحرك وزارة الداخلية للمطالبة بتجريمه! فمن دون قانون، كانت قناعاتي الشخصية هي الحرمة الشرعية لإزهاق الأرواح البريئة، وهذا يشمل أيضا تعرض أي مطالب أو مشارك في مسيرة أو متظاهر، لرصاصة أو ضربة تنهي عمره! لكن تحرك الداخلية كان قويا هذه المرة، حتى أنني ناقشت أحد المسئولين الأمنيين في المدى من وراء التجريم، مكررا رفضي لزهق أي روح أو ترويع أي إنسان، فكانت إجابته بأنه من حقي أن أتظاهر وأطالب وأرفع صوتي بالمطالب المشروعة على ألا أستخدم المولوتوف.

إذن، القانون تحصيل حاصل بالنسبة إلي شخصيا، لكن، وددت العودة إلى مجلس الوزراء قبل الختام، لنعيد التذكير بأن المجلس وجّه وزارة الإعلام إلى متابعة المنتديات الإلكترونية التي تحض على مشاعر الكراهية والتحريض والفتنة، وتطبيق القانون والأنظمة واللوائح ضد المواقع المخالفة. كما وجّه وزارة العدل والشئون الإسلامية إلى ضمان عدم استغلال المنابر في أمور تكرّس الطائفية وتؤجج المشاعر التحريضية.

المجلس تمنى يومذاك من السلطة التشريعية سرعة إقرار مشروع قانون بتعديل قانون العقوبات لتجريم حيازة واستخدام الزجاجات الحارقة «المولوتوف» باعتبار أنها أصبحت من الأسلحة الخطيرة التي يحوزها الخارجون عن القانون، ويستخدمونها ضد رجال الأمن، وها هي قد فعلت، وفي انتظار فعل مجلس الشورى… لكن، في انتظار محاسبة الطائفيين والقمعيين ومثيري الأحقاد والداعين إلى تعليق المشانق وإراقة دماء بحرنيية لكن لونها مختلف!

سعيد محمد سعيد

الرجال الذين تحتاج البلد إليهم

 

ها قد دخلت البلد في دوامة جديدة أشد تعقيدا! ووجه التعقيد الظاهر هو ذلك التغييب القسري للقنوات الحكومية والشعبية، التشريعية والقضائية، التنفيذية والإدارية، حتى أصبح الأمر الواضح بجلاء للناس، هو أن الحال المضطربة في البلاد، لن تنتهي على خير… وليتشاءم من يريد أن يتشاءم، وليتفاءل من يريد أن يتفاءل… هل البلد على حافة جرف سحيق مظلم لمستقبل أكثر إظلاما؟

لا، أبدا…

لكن ذلك لا يعني أبدا ألا يصبح ما نخاف منه حقيقة تتشبع رسوخا يوما بعد يوم، وتزداد حال المواجهة بين أطراف لا يمكن تحديدها من كثرتها وكثرة أجندتها… أولها وأشدها تلك المؤامرات الطائفية التي لا أدري – شخصيا – لماذا لا تبادر الدولة بتشديد قبضتها عليها وعلى أصحابها ورؤوسها أيا كانت مناصبهم، وأيا كانت مخططاتهم، وأيا كانت انتماءاتهم المذهبية! والأصعب من ذلك، أن المشكلة لم تعد مقتصرة على التحذير من مخاطر الطائفية، بل تعدت ذلك، إلى التحذير من صدام حقيقي مشهود بصورة يومية من تخريب وعنف وقتل، من جانب تلك الجماعات المختلطة التي حذرنا منها مرارا لأنها لا تريد بالبلد خيرا، ولا علاقة لها بحركة مطلبية مشروعة ولا يحزنون… قلنا مرارا إن ذلك الخليط من المخربين، يختلطون في خلطة بشعة، كل همها النيل من هذا البلد، ولكن بصورة أكثر صدقا… تريد تأليب الدولة ضد الشعب، والشعب ضد الدولة، ولأن التغييب القسري الذي أشرت اليه في البداية هو السائد، حتى مع وجود المجلس الوطني، فإن الدولة، وعلى رأسها عاهل البلاد وسمو رئيس الوزراء، قادرة اليوم على حماية البلد من كل المخربين… ولا نقصد بهم أصحاب الإطارات و «السلندرات»، معروفين أم مجهولين، الذين يخرجون إلى الشارع عبثا بلا مطلب، ولكن نقصد أيضا أصحاب النفوذ والمسئولين والخطباء والوعاظ والنواب والعاملين في جنح الظلام للإضرار بالبلد وبأهل البلد.

من هم الرجال الذين تحتاج البلد إليهم؟

في بلادنا، يبدو أن الرجال الذين نحتاج إليهم قد قضوا نحبهم! وماذا عن الباقين على قيد الحياة، أطال الله في عمرهم؟ لا أدري بصراحة، لكن أعلم جيدا أن في إمكان الكثير منهم أن تكون لهم كلمة فيما يجري من تهتك في المجتمع.

مناسبة هذا الكلام، هو استذكار المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالأمير الجمري، رحمه الله، في مثل هذه الظروف على لسان الكثيرين، ومنهم من ليسوا على خط الشيخ الجمري أصلا، لكنهم احترموا ولايزالون يحترمون منهجه…

تحضرني كلمة المفكر البحريني على محمد فخرو في مجلس تأبين الفقيد علي بن يوسف فخرو، التي أقيمت مساء يوم الثلثاء 8 أبريل/ نيسان الجاري، بحضور سمو رئيس الوزراء، فقد ساق في كلمته عبارة غاية في الروعة، أتمنى أن يفهمها من يريد أن يفهم، حين استخلص من سيرة المرحوم (بوشوقي) جوانب مضيئة أنقلها نصا: «فلم يعرف قط التفرقة بين الناس بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو الأصل أو العائلة والمكانة أو الغنى والفقر… مجلسه كان مفتوحا لكل الناس، وقلبه كان محبا لكل الناس، وميزان عدله كان في خدمة كل الناس، ولذلك، وفي هذا الجو الذي يعيشه مجتمعنا… جو الصراعات الطائفية، كم كان سيكون وجوده بلسم توحيد وتقريب ودفع بلاء ومساعدة في تضميد الجروح… وعلى مستوى الأوطان كم كان توجعه لتخلف هذه الأمة… كم كان ملتزما بثوابت وحدتها ونهضتها وخروجها من المحن التي عاشتها وتعيشها… كم كان وطنيا غيورا محبا للبحرين… مثل هذا الإنسان لا يستحق دمعة تذرف، بل يستحق أن نعيش الكثير من صفاته ومحاسنه لتغنى الحياة، ولنملأها خيرا ومحبة وتراحما من دون منة كما كان المرحوم يفعل».

سعيد محمد سعيد

الأطفال في خطر!

 

قبل أيام، وقفت بعض أجهزة الإعلام العربية على رجليها لتبث يوم الاثنين الماضي تقارير عن اختفاء الطفل الأردني محمد الشواهين، البالغ من العمر 5 أعوام، في ظروف غامضة قبل أكثر من شهرين في وادي زبدا بالمنطقة الغربية من وادي الغفر غرب أربد.

ظروف اختفاء الطفل محمد الشواهين هي ذاتها ظروف اختفاء الطفل بدر في يوم الثلثاء العاشر من يوليو/تموز 2007 وهو الأمر الذي يثير القلق! لقد اختفى الاثنان من أمام منزلهما… وفي عمر مشابه، فالاثنان يبلغان من العمر خمس سنوات!

لن أطيل، ولكنني وددت إعادة إرسال الرسالة التي طرحتها «الوسط» على مدى تسعة أشهر… ومنذ اختفاء الطفل بدر: «الأطفال في خطر، وليأخذ كل فرد ومواطن (أصيل) أو مقيم (صاحب ضمير) دوره في حماية أطفال البلد… لن تكون المسئولية كلها موكلة إلى وزارة الداخلية… لا تظنوا ذلك أبدا… المسئولية أولا على الأسرة وعلى أفراد المجتمع الذين يشاهد الكثير منهم هذه الأيام أطفالا دون العاشرة في أماكن خطرة فعلا فلا يحركون ساكنا وكأن الضمائر ماتت في نفوسهم».

ظاهرة اختفاء الأطفال انتشرت في الكثير من المجتمعات العربية: المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية، الجمهورية الجزائرية، الجمهورية اليمنية، وجاء دور العراق الآن باعتباره مسرحا خصبا لاختطاف الأطفال، فيما تشير التقارير الصادرة عن الجهات المعنية في بعض تلك الدول، ومنها هيئة الدفاع عن الحقوق والحريات في اليمن (هود)، ومؤسسة سوزان مبارك في مصر، ولجنة الإشراف الأولي للمركز الدولي للأطفال المفقودين والمستغلين جنسيا ومقرها فرنسا… كل تلك التقارير تشير إلى ارتفاع وتيرة القلق في المجتمعات العربية من ظاهرة اختطاف الأطفال القسرية… وتذهب مباشرة إلى التحذير من انتشار ظاهرة الاتجار بالأطفال!

واعترف المركز الدولي أن ظاهرة اختفاء الاطفال واستغلالهم جنسيا آفة في كل دول العالم‏،‏ وظاهرة دولية ذات أبعاد كبيرة تستشري‏،‏ وتستوجب حماية للأطفال من جميع أشكال العنف‏،‏ وخصوصا أنه كثيرا ما يتم تهريب الأطفال والاتجار بهم خارج بلادهم، ما يستلزم إجراءات دولية تضمن لهم الحماية في الداخل والخارج‏. لكن، بالنسبة إلى العالم العربي، فقد شهدت ذلك في السنوات الأخيرة، لكن الجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التي رصدت حالات الاختفاء والاختطاف ووثقتها إذ تم تسجيل 798 قضية اختطاف منذ العام 2000 إلى العام الماضي 2007، راح ضحيتها 367 قاصرا، وأن الجهات الأمنية حاليا، بصدد مواجهة ظاهرة تمثيل الأطفال لحادث الاختطاف. وتبيّن من خلال الإحصاءات المقدمة من قيادة الدرك الوطني، أن الظاهرة بلغت أوجها في سنتي 2006 و2007، إذ سجلت 134 قضية لكل عام، راح ضحيّتها 47 قاصرا في 2006 و33 طفلا في العام الماضي 2007.

في البحرين، أنعم الله تعالى علينا بنعمة الأمن، لكن يجب عدم الركون إلى الدعة أبدا! فالكثير من الأسر تترك أطفالها تسرح وتمرح بالقرب من الإسطبلات ومساكن العمال وفي «الدفنات» وعلى السواحل حال عودتهم من المدرسة، ولا يهاب بعض الأطفال من الخروج بعد العودة من المدرسة مباشرة ولا يرجعون إلى منازلهم إلا بعد حلول الظلام… مع أن أمهاتهم كلهن بلا استثناء، يرثين لحال (أم بدر) حين يذكرن قصتها ومأساة وليدها المفقود منذ تسعة شهور!

سعيد محمد سعيد

قائمة المخربين في البلد

 

استكمالا لحديث يوم الخميس الذي قدمناه تحت عنوان: «نظرة وزير الداخلية ونظرة المخربين» وتطرقنا فيه إلى أهمية الاعتبار لجوانب ذات حساسية عالية طرحها وزير الداخلية، ومنها الظواهر الطائفية الجديدة والعلامات المقلقة في المجتمع البحريني من التأثر بما يدور حولنا إقليميا، شاء البعض من القراء أن يصنف القول، ويحدد الاتجاه، فأصبح لدينا من خلال الردود التي وردت ثلاثة اتجاهات:

-الاتجاه الأول: أن الأطفال والناشئة وبعض الشباب الذين يثيرون المخاوف والاضطراب الأمني ويتجهون مباشرة نحو مسار التخريب، هم مجموعة من الصغار المغرر بهم، من أهملهم أولياء أمورهم ولم يحظوا برعاية من المجتمع، بل ولم يحظوا بالتوجيه من قبل علماء الدين والناشطين، فصاروا يشعلون النار في الإطارات والحاويات، ويدمرون المرافق الحيوية كالإشارات الضوئية وما إلى ذلك، فقط من أجل التباهي بين الأنداد في الديرة أو في المدرسة، فهؤلاء في نظر أصحاب هذا الاتجاه ليسوا ذوي علاقة بالمطالب المشروعة ولا بسلمية التحرك، إنما هي حال من الهمجية المقيتة التي يجب أن تتوقف، وعلى النشطاء والعلماء تقع المسئولية أولا.

– الاتجاه الثاني: يبدو خلاف سابقه تماما… فأصحاب هذا الاتجاه من القراء يرون أن مشاركة الأطفال تنبع من المعاناة العامة في البلد! فهم يعيشون في ظروف معيشية قاسية، فلا رواتب لمعيلهم تكفيهم، ولا قرى تحظى بالاهتمام والرعاية من الدولة فتتطور وتتوافر فيها المرافق، بل ولا حتى البشر يحظون بحقهم في الحياة والعمل، وأن هذه الفئة ليست سوى رسالة إلى الحكومة لها عدة مسارات هي الأخرى، منها عدم القبول باعتقال ذويهم، وعدم القبول بوضع معيشي مسلوب الحقوق، وهم في كل الحالات إنما يمثلون ضمير الأمة (مع اختلافي مع أصحاب هذا الرأي في كلمة أن الأطفال يمثلون ضمير الأمة)، إلا أنني قلت بشكل واضح في لقاء إذاعي يوم الخميس الماضي إن من حق الأطفال أن يسايروا حركة المجتمع السياسية من باب التمرس على التعبير بالطرق السلمية لا أكثر ولا أقل، و «التحريق» في كل شاردة وواردة لا يدخل تحت هذا الإطار قطعا.

– الاتجاه الثالث: هو الاتجاه الذي يرمي باللائمة على كل الأطراف… الحكومة والمعارضة… النشطاء السياسيين والعلماء… أولياء الأمور والتربويين وكل من له علاقة بالتدهور الحاصل في البلد، وعلى رأس المسئولين: الحكومة أولا والمجلس النيابي ثانيا… فأصحاب هذا الاتجاه يرون أن الأداء الحكومي وكذلك أداء النواب، لم يحققا للمواطنين جملة من التطلعات البسيطة المرتبطة بالحياة اليومية، ولا أدل على ذلك من صرف بدل التعطل وبدل الغلاء.

تلك الاتجاهات الثلاثة، ورد بعضها في تعقيبات القراء إلكترونيا، وبعضها الآخر من خلال الحديث المباشر، وأرجو ألا ينبري أحد من الإخوة ليقول إن تقديم الآراء في هذا الأسلوب يمثل أسلوب «ماسنجر» كما يعتقد البعض بنظرته القاصرة، أما بالنسبة إلي شخصيا فكل آراء الناس يجب أن تحظى بالاحترام، سواء اختلفنا أو اتفقنا معها، ويبقى الرأي رأيا، أيا كان مكان إعلانه.

لكن لي إضافة بسيطة لتحديث قائمة المخربين في البحرين:

@ المسئول الحكومي الذي يذيق المواطنين سوء العذاب، وبدلا من التيسير عليهم يعسر ويعسر حتى يضج الناس من سلوكه، هذا مخرب من دون شك.

@ النائب الذي ينام ويصحو على التأجيج الطائفي والتشكيك في ولاء الناس لوطنهم ويصفق ويرقص في المحن والإحن، هو أيضا مخرب.

@ صاحب النفوذ الذي لايزال يعيش في حقبة “أمن الدولة” السوداء وينكل بالناس غير مكترث بقانون البلد… هو مخرب.

@ كبار الرؤوس التي تمارس الفساد المالي والإداري، وتعبث بالمال العام كما حدث في بعض قضايا الاختلاس، هو مخرب أيضا.

@ المدرس والطبيب والمهندس والعامل وكل إنسان يهمل عمله ليتضرر خلق الله من فعله هو مخرب أيضا.

@ المشايخ والخطباء والعلماء الذين يستحضرون قضايا تفتيتية وطائفية هم أيضا مخربون.

المخربون كثر والقائمة تطول، والكل يعرف بقية القائمة على ما أعتقد، لكن إذا كانت الدولة ستنظر بعين واحدة إلى فئة واحدة من المخربين وتترك بقية القائمة، فالمصائب القادمة – حمى الله بلادنا منها – ستكون أكثر إيلاما.