سامي النصف

ولكنهم في النائبات كثير

الشكر الجزيل لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد المفدى حفظه الله ولسمو ولي عهده الأمين سمو الشيخ نواف الأحمد ولسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وللنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ولنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح ممن لم تمنعهم مشاغلهم العديدة وجداولهم المزدحمة من الزيارة وتأدية واجب العزاء، فجزاهم الله كل خير وادام الله مفهوم الاسرة الواحدة قائما في مجتمعنا وابقاهم ظلا آمنا تستظل به كويت الخير والعزة.

والشكر موصول الى اصحاب السعادة الشيوخ والوزراء والسفراء واعضاء مجلسي الامة والبلدي وكافة افراد الشعب الكويتي، ولكل من اهتم ووصل او اتصل او ارسل برقيات التعازي من الداخل او الخارج لأسرتنا بفقدان شقيقنا المرحوم بإذنه تعالى محمد النصف، فلهم جميعا الشكر والامتنان.

والشكر لطاقمي سفارتينا في الجزائر ودمشق وللزملاء قياديي واعضاء الوفد الكويتي للاسبوع الثقافي في الجزائر ممن تقاطروا منذ الوهلة الاولى لتقديم واجب العزاء ثم قاموا بتسهيل عملية الارتحال من الجزائر الشقيقة للكويت عبر سورية الحبيبة حيث خففوا علينا وطأة المصاب في الغربة ومكنونا من الوصول في اليوم الثاني للعزاء.

وشكر دافئ من القلب لزملاء اعزاء في الديوان الأميري والكويتية وخدمات الطيران وبيتنا الثاني جريدتنا «الأنباء» الغراء التي تجدها في الملمات، وجميع الأحبة من الأقرباء والأنسباء والأصدقاء وحتى من لا نعرفهم شخصيا من القراء الافاضـــل ممن اثبتوا جميعا خطأ مقـــولة «ان الاخوان في النائبات قليل» حيث اثبتنا في الكويت ان الاخوة في النائبات كثير وكثير جدا ولله فيما قبل وما بعد الحمد والمنة فهو من أعطى وهو من أخذ ولا راد لقضاء الله فجزاكم الله جميعا كل خير ولا أراكم مكروها في عزيز.

سامي النصف

الجاحظية

يحيط سفير الكويت في الجزائر الأخ شملان الرومي الوفد الكويتي برعايته الكاملة وقد أقام مساء الأمس حفل عشاء حافلا حضره كثير من الشخصيات الجزائرية البارزة وكافة أعضاء الوفد الكويتي، وقد قدمت فرقة حمد بن حسين ألوانا جديدة من الفن الشعبي هزت الحضور وجعلتهم يشاركونها في الغناء والبهجة.

وفي زمن يختلف ويدمر به أبناء الشعب الواحد أوطانهم نجد أن الثقافة والأدب والإبداع أضحت أحد عوامل توحد الأمة، لذا قمنا بزيارة جمعية «الجاحظية» الجزائرية التي يرأسها الكاتب المعروف الطاهر وطار وقد أثنى ادباء ومثقفو الجزائر أثناء اللقاء بهم في الجمعية على دور الكويت الثقافي، وثمنت الجمعية للدكتورة سعاد الصباح والسيد عبدالعزيز البابطين دعمهما الموجب للجمعية التي كادت تتوقف لولاه.

وقد تبعت ذلك زيارة للمكتبة الوطنية الجزائرية التي تعتبر وبحق مفخرة ومنارة للثقافة، حيث تمتاز بجمال منظرها واتساعها وتعدد طوابقها التي تقارب 15 طابقا، اضافة الى استخدامها الأنظمة الحديثة في ادارتها، كما لحظنا امتلاءها بالطلبة والباحثين وهو عكس ما يروج عادة من انصراف شباب وشابات هذه الأيام عن القراءة والاطلاع.

ومن الأعراف الجميلة اهداء كثير من الجزائريين مكتباتهم الخاصة للمكتبة الوطنية، وهو أمر نأمل أن نرى مثيلا له في الكويت بدلا من اندثار تلك المكتبات وضياعها، وفي هذا السياق وددنا ان يتحول دور الملحق الثقافي الكويتي من شخص يهتم بقضايا الطلبة في البلدان المختلفة، وهي مهمة يمكن ان يقوم بها شخص آخر، الى اهتمام حقيقي بالثقافة والابداع عن طريق الاتصال الدائم بالمفكرين والمثقفين ومعرفة اشكالات ونشاطات الثقافة في البلدان المعنية، وكان الزميل صالح السعيدي خير من مثل هذا الدور في الجزائر.

من الأمور المهمة التي طرحها رئيس الوفد الأخ علي حسين اليوحة أثناء ترحالنا بين الأماكن المختلفة ـ وهو الشخص الضليع بعلوم الآثار والحفريات ـ حقيقة الحاجة لدعم الشباب الكويتي وحثهم للتوجه لمثل تلك العلوم والتخصصات بدلا من البقاء في المكاتب، وقد ابدى استغرابه من الفارق بين ما يعطى لموظف الجمارك او الشرطة من مكافآت عند اكتشاف المخدرات، وبالمقابل حرمان من يكتشف اثارا لا تقدر بثمن من اي منح أو مكافآت.

آخر محطة
 قام الفنان محمد المنصور إبان حفل عشاء السفير الفاضل شملان الرومي بعرض مقاطع من مسلسل «أسد الجزيرة» مما جعل جميع الحاضرين يقتنعون بأننا أمام عمل درامي ضخم وغير عادي سيكون فتحا وبداية للدراما الكويتية متى ما تم عرضه.

سامي النصف

مهياوة رومانية وقضية قذافية

الجزائر التي اسسها الفينيقيون ويعني اسمها «جزر النوارس» هي بلد جميل جدا وفيه كل مقومات السياحة الناجحة من شعب مضياف وسواحل زرقاء وواحات بيضاء وجبال خضراء ومعها آثار وتاريخ حافل مما يؤهلها لأن تصبح محجا للسياحة والاستثمار، وقد ضاعفت في المدة الاخيرة شركات الطيران العالمية والخليجية من عدد رحلاتها للجزائر مع ازدياد اعداد السائحين القادمين من شرق آسيا واوروبا والخليج.

اتجهنا بالامس لزيارة احد بيوت حي القصبة الشهير، والبيت لا يختلف كثيرا عن البيوت الكويتية القديمة وان كان يشتمل على «بئر» و«جب» احدهما لما يستخرج من الاعماق والثاني لما يتجمع من مياه الامطار ولكل منهما استخدامه الخاص وان جمعهما تبطينهما بصدف البحر لإبقاء الماء نظيفا وباردا، وقد ساعد تكوين البيوت والتصاق بعضها بالبعض على سرعة وسرية انتقال الثوار ومن ثم الانتصار في معركة الجزائر الخالدة التي تغنى بها ادباء الكويت ممن استشهد امين رابطة الادباء الفاضل عبدالله خلف بشعرهم في محاضرته القيمة.

وقد اصطحبنا مضيفنا عالم الآثار د. علي الخالصي لمدينة «تاباز» الاثرية الشهيرة والتي تم تشييدها في القرن الثاني الميلادي وكان شعارها «السلام والوئام» وهو الشعار الذي استخدمه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لتهدئة الاوضاع واطفاء نيران الفتنة في الجزائر وقد تكلل الجهد بالنجاح حيث عادت نعمة الامن للبلد ولم تعد الناس تخشى الخروج من منازلها بعد الساعة السادسة مساء كما كان الحال ابان حقبة التسعينيات.

وقد وجدنا ان انظمة تلك المدينة القديمة تصلح لتنظيم اي مدينة حديثة، فالبيوت مصممة بشكل منفصل وبطريقة فنية تمنع حجب الشمس أو رؤية الماء كونها تطل على البحر او السماء، كما صفت الدكاكين ومحلات البيع في ذلك الزمن السحيق بحيث تمنع التجاوز او الاستيلاء على الاراضي العامة، وضمن تلك المدينة انظمة لحماية البيئة والسواحل من التلوث عبر ترشيح وتنقية الصرف الصحي قبل وصول مياه المجاري للبحر. ولنواب مجلس الشيوخ الروماني بيوت فاخرة مطلة على البحر مكونة من طابقين وبمساحة 1200 متر لكل منها ولا يحصل النائب آنذاك على ثقة الشعب الا بعد ان يصرف الاموال على المحتاجين وبناء المعابد والمسارح والحمامات العامة، كما اختص جزء من المدينة بتجفيف السمك الصغير «الغاروم» وهو ما يطابق تصنيع «المهياوة» بالخليج والذي لا يستغني عنه سكان تلك المدينة، ولا يعلم ان كان لذلك الامر علاقة باندثار المدينة فيما بعد!

في المساء دعتنا وزيرة الثقافة د. خليدة كومي لمشاهدة الفنون والشعر الشعبي لولايتي سعيدة وام البواقي وقد كان الغناء والرقص ومفردات الشعر شبيهة الى حد كبير بفنون الصحراء الكويتية وقد شاركت الوزيرة الفاضلة المحتفين بالتصفيق والزغاريد مما زاد من حماس الجمهور فبادلوا الوزيرة والوفد الكويتي التحية بأحسن منها عبر التسابق لاظهار جمال رقصهم الشعبي، ولو عندنا لحدث استجواب على طول!

توجهنا من هناك الى مسرح آخر امتلأ بالجمهور تم خلاله عرض المسرحية الكويتية «الاسم امرأة» التي تروي قصة الصراع الازلي بين الرجل والمرأة وقد كان العرض مميزا وحاز رضى الجمهور والنقاد وعلى رأسهم الدكتورة المختصة نرمين الحوطي وهو ما اعاد لاذهان الصديق محمد المنصور ذكريات النجاح الباهر لمسرحيتهم «شياطين ليلة الجمعة» عندما عرضت في المغرب الشقيق في نفس اليوم الذي انتصر فيه فريقنا الكروي على الفريق المغربي فقال مضيفهم آنذاك «لقد غلبتمونا نهارا في الرياضة وليلا في فنون المسرح»، كانت للكويت ايام باهرة في الماضي.

آخر محطة:
اقام الرئيس معمر القذافي دعوى قضائية ضد جريدة «الشروق» الجزائرية صدر على اثرها حكم بسجن رئيس التحرير والكاتبة 6 اشهر مع النفاذ وتعطيل الجريدة لمدة شهرين ومعها غرامة 600 الف دينار وقد التقيت ابان العرض المسرحي مرة اخرى الدكتور المثقف محي الدين عميمور الذي رافقته هذه المرة ابنته المحامية منى التي اكتشفت انها من كسب تلك الدعوى القضائية، للمعلومة د.عميمور عروبي التوجه ويظهر مشاعر حميمية نحو الكويت كما يحتفظ بصداقات عديدة مع رجالاتها ومثقفيها.

سامي النصف

الانتظار في المطار يؤدي للإبداع!

غادرنا الكويت بدعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمشاركة في الاسبوع الثقافي الكويتي الذي تقام أنشطته في جمهورية الجزائر الصديقة، وقد ترأس المهندس علي حسين اليوحة الوفد الكويتي الذي ضم ما يقارب 56 شخصية تنوعت نشاطاتها بين معرض للفنون التشكيلية والآثار الكويتية التي تظهر ان بداية الاستيطان في الكويت كانت منذ العصر الحجري الحديث اي قبل آلاف السنين، كما كانت جزءا من حضارة ديلمون، مما يظهر اصالة بلدنا.

وتأتي المشاركة الكويتية بمناسبة اختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية لعام 2007 وقد جرى الافتتاح بمشاركة غير مسبوقة لكبار المسؤولين الجزائريين وضم وزراء الدولة: الداخلية والثقافة والأوقاف والشؤون الاسلامية، مما يظهر مقدار الود والحب الشديدين اللذين تكنهما جزائر الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة للكويت حكومة وشعبا.

وقد قدم الاساتذة طالب الرفاعي وعبدالله خلف ورقتين موسعتين حول تاريخ الثقافة والأدب في الكويت وعلاقته بالجزائر، وعن دور المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في تعزيز دور الكويت الرائد في المنطقة العربية، كما تطرق الاخوة الجزائريون بالمقابل وبشكل موجب إلى الاصدارات الكويتية مثل مجلة العربي وعالم الفكر والبيان وسلسلة اقرأ ودورها في الثقافة الجزائرية المعاصرة.

في المساء كان هناك حفل عشاء اقامته وزيرة الثقافة الجزائرية خالدة تومي في فندق جنان الميثاق، وقد التقينا الدكتور محيي الدين عميمور مستشار رئيس الجمهورية السابق وعضو لجنة الشؤون الخارجية الحالي وابنته طالبة الحقوق، وقد بادرنا بالحديث للوزيرة الفاضلة عن معارك القلم التي حدثت بيننا على صدر صفحات جريدة الشرق الأوسط ابان حرب تحرير العراق، وجاء مقترح الحل على ان تتم عملية تناسب بيننا عبر زواج احد أبنائي من ابنته شديدة الرقة والجمال والأدب، ولم تقصر الوزيرة الودودة في محاولة تعليم الوفد الكويتي كيفية تقطيع الخروف بالأيدي والأصابع، وبالطبع لم يكن الوفد الكويتي وعلى رأسه سفيرنا في الجزائر الأخ الفاضل شملان الشملان بحاجة الى توجيه بهذا المجال.

يتبقى أن تاج حفل مهرجان الافتتاح وما أثلج الصدور وأسعد الحاضرين وخلق التفاعل الجماهيري الواسع معه هو الأداء البحري المتنوع لفرقة حمد بن حسين الشعبية التي شاء سوء الحظ ان تبقى يوما كاملا في مطار روما، وان تصل الى الجزائر من المطار مباشرة للحفل لتطرب الجمهور الذي ملأ مسرح قصر الثقافة وتجاوب معها بالمشاركة بالتصفيق و«اليباب» أي زغاريد النساء.

وقد أثنى بشدة مضيفنا ومرافقنا د.علي الخلاص المختص بالتراث البحري الجزائري على ما قدمته فرقة حمد بن حسين مذكرا بحقيقة انه وبرغم وجود ساحل جزائري يمتد لـ 1200 كم وكون الجزائر قوة بحرية مهيمنة في البحر الأبيض المتوسط حتى ما قبل مائتي عام الا انهم يفقدون وجود فن بحري جزائري، وعزا ذلك لقيام الاستعمار الفرنسي بحرمان الجزائريين من البحر ودفعهم الى الداخل، وأضاف ان احد أسرار ابداع فرقة حمد بن حسين هو طول الانتظار في المطار، ومن ثم يرى ضرورة التكرار مع كل دعوة مقبلة للفرقة.

آخر محطة:
تعجز الكلمات عن ايفاء رجال المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حقهم لدورهم في رفع اسم الكويت وتعزيز العلاقة بين البلدين عبر العمل الابداعي والجهد الشاق الذي يقارب الكمال والمستمر منذ الصباح حتى المساء.

سامي النصف

من خصائص المجتمع الكويتي

مقدمة ابن خلدون هي من اجمل ما كتب في خصائص الشعوب العربية وطبائعها ومثلها ما خطه الدكتور العراقي علي الوردي حول خصائص المجتمع العراقي والذي لم نقرأ شبيها له في دراسة خصائص المجتمع المصري او السوري او المغربي.. الخ وكذلك د. صموئيل هنتنغتون في كتابه الاخير عن المجتمع الاميركي الذي نجد انه يتشابه في كثير من متغيراته المعاصرة مع ما طرأ على المجتمع الكويتي في حقبه الاخيرة ولا يعني بالطبع الحديث عن ظواهر وسلوكيات ومفاهيم سالبة أنها قيم سائدة ودائمة بل يعني دراسة «بعض» ما هو قائم وملحوظ لسلوكيات مستحدثة وطارئة لدى شريحة او شرائح من المجتمع المدني القائم.

إحدى الخصائص الملحوظة هذه الايام طغيان وتوقير وتقديس الماديات والمظاهر في تطرف يصل في بعض الاحيان للتفريط بالعقل والحكمة والمستقبل في سبيل الحصول على مظاهر آنية زائفة يشعر الفرد بأنه اصبح يقاس بها، كما أضحت زيادة اصفار الحسابات غاية بذاتها يفرط مقابلها بالكرامات واحترام الذات، وفقد الناس تبعا لذلك للاسف لذة العيش الهانئ السعيد وفهم مغزى الحياة.

كذلك طغت على المجتمع الكويتي هذه الايام، وبشكل غير مسبوق، ظواهر التعصب الديني والطائفي والعنصري والقبلي والرغبة في الغاء الآخر في بيئة لم تعرف قط في السابق مثل تلك التخندقات، فقد عشت في الحي الشرقي من العاصمة القديمة الذي يحوى كل الشرائح والعصبيات والطوائف والديانات ولا اذكر قط ان خناقة واحدة او ضربة كف قامت على معطى تلك الفروقات التي اكتشفت او تم استيرادها حديثا من بعض المجتمعات الاخرى.

ومن الملاحظات السالبة تفشي عقلية الخلاف والصراع بشكل غير مسبوق لدى جميع قطاعات المهن والشرائح الاجتماعية في الكويت ومعها الايمان بالمبدأ الشيطاني القائل إن «الغاية تبرر الوسيلة» للوصول للاهداف الشريرة، فلا مانع من الكذب والتزييف والتسريب وتشويه الآخر مادام يخدم الاغراض غير السوية، لذا انصح الجميع هذه الايام خاصة من هم في موقع المسؤولية بأن يتحروا الصدق والانصاف في كل ما يعرض امامهم من قضايا عبر الاستماع للرأي والرأي الآخر.

واستُبدلت بأجيال ماضية كانت تعشق العمل وتتقنه، حتى كان المنتج الكويتي من سفن وغيرها يحوز قصب السبق في مقابل ما يصنعه الآخرون، أجيال تكره الحرف كرها شديدا ولا تتقن المهن والوظائف من ابسط الاعمال الى اكثرها رقيا وتعقيدا فالاغلبية تتساوى في البعد الشديد عن مبدأ الاحتراف او الرغبة في الكمال في الاعمال، واستبدل بذلك حب الغش والخيانة في الصنعة وعدم اعطاء المسؤولية حقها.
 
وانتشر بشكل غريب مفهوما الحقد والحسد فلا مانع من هدم بيتي على رأسي مادام سيتسبب بهدم بيتك ، كما اصبح الخلق غاضبين طوال الوقت رغم الصحة وامتلاء الجيوب بالنقود ومعها العيش في مجتمع ريعي شديد الرفاهية، أضف الى ذلك حب الكسل والجلوس دون عمل في الديوانيات التي انتشرت بشكل كبير واستسهال لوم الآخرين وعدم القناعة بما يملك الفرد، الذي اصبح كالنار كلما اعطي طالب بالمزيد ومعها لوم الآخر «الحكومة، المسؤول» بدلا من لوم الذات على القصور.

آخر محطة:
روي ان مواطنا عربيا من احد الشعوب التي اشتهرت بالكسل انضم لتنظيم القاعدة فلما سئل ان كان يود الانضمام لقسم التفجيرات او الاغتيالات او خطف الطائرات، اجابهم بأنه راغب فقط في الالتحاق بقسم الخلايا النائمة!

سامي النصف

المعليش وغير المنزّل ومدينة الأحمدي

«معليش» كلمة دمرت الاداء والاقتصاد المصري في حقبة الخمسينيات والستينيات، وهناك مفردات روسية مثيلة ادت بتلك الامبراطورية شاسعة الارجاء للدمار والانهيار، وينتشر هذه الايام في الكويت مصطلح «ليس منزلا» كتعبير للقفز على الانظمة والتشريعات والقوانين.

نقول نعم ان المنزل في الدنيا هو فقط الكتب السماوية ولا شيء غير ذلك، ولكن امرا كهذا لا يعني ألا نحترم القوانين والقرارات الموضوعة، فهذا تماما ما يفرق بين الدول المتقدمة الراقية التي يشعر الجميع فيها بالعدل ودول القمع والخراب والفوضى المتفشية في دول العالم الثالث، لذا فبأيدينا ان نرتقي ببلدنا ونزهو به عبر التمسك بالأنظمة والقوانين وبأيدينا ـ بالطبع ـ ان نقوم بعكس ذلك.

يمكن ان نقيس مقدار تقدم او تخلف اي منطقة من مناطق الكويت بكيفية تعامل سكانها مع المواقف المخصصة للمعاقين، ففي بعض الجمعيات والاماكن العامة تجد ان الجميع لا يمانعون على الاطلاق من ان يوقفوا سياراتهم بعيدا حتى في الصيف القائظ وتحت الشمس على ان يستخدموا المواقف المخصصة للمعاقين، بينما تجد في مناطق اخرى ان موقف المعاق هو اول ما يستخدم حتى لو خلت ساحة المواقف من اي سيارة اخرى، ان في الحفاظ على المواقف المخصصة للمعاقين حفاظا على سمعة المناطق ومعها سمعة الكويت قاطبة امام الآخرين.

بودي ان تقرر حكومة الاصلاح القائمة تعديل الدوام الوظيفي الحكومي، اما بتأخيره او تغييره الى نظام الدوامين مع بداية شهر سبتمبر القادم، فواضح ان الوضع الحالي لا يؤدي الى رفع الكفاءة او زيادة الانتاجية، كما لا يساعد على احياء المدن الجديدة البعيدة، لذا فالبديل لن يكون بالقطع اسوأ ويمكن بعد تجربته لمدة عام ان يستمر فيه او يعود عنه.

في الاردن بدأت السلطات بفكرة مثمرة ونافعة وهي وضع كاميرات متنقلة في سيارات الشرطة تصور من يقومون برمي القاذورات في الشوارع وتحميلهم غرامات باهظة كونهم يسيئون لسمعة البلد، اضافة الى انها تضعف الوضع الصحي العام لانتشار الجراثيم والميكروبات، نرجو الاقتداء بتلك التجربة الرائدة.

آخر محطة:
 (1) متى آخر مرة زرت فيها الأحمدي؟ ادعو الجميع للذهاب مساء لمدينة الاحمدي وسيصعقون من جمال المدينة وممشاها خاصة بعد ان زينت هذه الايام بأضواء مبهرة كلها ذوق، شكرا للمحافظ والمحافظة وللشركة المختصة على هذه الاضافة الرائعة للمدينة التاريخية .. المنسية!
 
(2) اتمنى من القلب فوز المتسابق الكويتي احمد داود في ستار اكاديمي حتى تفرح الكويت ويفرح قلب والده الصديق د.حسين ووالدته وجدته المشجعة الاولى له وبالتوفيق.

سامي النصف

استراحة منتصف الأسبوع

بعيدا عن الهم المحلي بودي أن نتطرق لما يحدث على حدودنا في العراق والفارق بين ما عمله الجنرال دوغلاس مكارثر في اليابان، وأدى الى وصولها الى ما هي عليه الآن وبين ما عمله بريمر ومن سبقوه، وأدى كذلك الى ما وصل اليه الحال في العراق هذه الأيام.

وصل مكارثر لليابان بعد سقوطها عام 45 وكان الوضع أسوأ كثيرا من حال العراق، فقد دمرت بالكامل وضربت بالقنابل النووية وعدد سكانها يتجاوز الثمانين مليونا دون أي موارد مالية أو مواد خام، ولم يكن هناك غذاء أو دواء بالمطلق، كما أن الثقافات العامة لم تكن تتقبل الغريب أو المفاهيم الدولية السائدة.

كانت أول برقية أرسلها مكارثر لواشنطن هي: ارسلوا اما طعاما لليابانيين أو رصاصا كي اقتلهم واخلصهم من عذابهم.

كما قرر الجنرال ان يعلم الشعب الياباني ما حارب ضده ـ أي الديموقراطية ـ حتى بالقوة، لذا خلق خلال اسبوع من وصوله دستورا للبلاد، ولما رفضه البرلمان الياباني أو ما تبقى منه قام بفرض تلك التعديلات عليه بالقوة ودعا لانتخابات جديدة تشارك بها المرأة للمرة الأولى في تاريخها وأعطى البرلمان صلاحيات وحريات متدرجة حيث لم يسمح في السنوات السبع الأولى 1945 ـ 1952 بنقد الاحتلال أو رفض الاصلاحات الجديدة.

واستخدم مكارثر الامبراطور شبه المقدس لتمرير قوانينه الاصلاحية للشعب الياباني وأبقى الاحتلال المباشر الذي فرض من خلاله ثقافة الانفتاح وعشق نمط الحياة والأكل الاميركي ومشاهدة الافلام الاميركية، ولم يكتف بإحضار الادوات الزراعية والصناعية من أميركا لإشغال الشعب الياباني بما ينفع، بل استورد معهم اليابانيين الاميركان، وعلم الشباب الياباني البايسبول وكرة السلة وكرة القدم الاميركية واحترام النساء كما طلب من الجنود الاختلاط الايجابي مع اليابانيين ومساعدتهم على تعلم اللغة الانجليزية والصــناعة والزراعة.

وقد أطلق سراح الجنود والاسرى اليابانيين الذين يتجاوز عددهم 5 ملايين جندي وساعدهم على الانخراط في عمليات البناء والتعمير، كما أرسل المتعلمين منهم للقرى الصغيرة مع الاميركان واليابانيين الاميركان لتعليمهم أصول الديموقراطية والحياة الجديدة، وقد حرص على الحفاظ على الانضباطية اليابانية وكل ما يمس حب الحياة من ثقافات وأعمال كالغناء والرقص الفلكلوري والمسرح.

وقد أرسل اليابانيين للشوارع لإقناع الناس والمارة بأن لا عيش مع التقاليد والعادات البالية التي يسود عليها حب الحروب في الداخل والخارج، كما فرض على البرلمان تشريعا لا يقر التسلح أو استخدام الجيش الياباني في الحروب كما طلب من الجنود الأميركان ان يكونوا في أجمل صورهم عند نزولهم للشوارع (Good Looking American) لذا فما انتهت السنوات السبع العجاف مع بداية عام 52 حتى كانت هناك ثقافة يابانية جديدة ساهمت بتعمير بلدها ومنعته من الحروب خلال النصف قرن اللاحق.. أين لنا بمكارثر آخر في العراق!

سامي النصف

بين الثورتين المصرية والإيرانية

كتبت في يناير 1980 وضمن بداياتي الاولى في زاويتي المسماة آنذاك «من فوق السحاب» مقالا كان بنفس عنوان اليوم حذرت فيه من عدم اتعاظ ايران الجارة المسلمة من مصر الشقيقة العربية التي اعطت لنفسها حق تصدير ثورتها في الخمسينيات والستينيات ومن ثم التدخل في شؤون الدول الاخرى، ولم يسقط مبدأ تصدير الثورة حتى تورطت مصر في حروب ونكسات ونكبات ومن ثم كان الخوف ان تسير الثورة الايرانية الناشئة آنذاك في ذلك المسار المدمر، ولم تمر اشهر قليلة على ذلك المقال حتى ابتدأت شرارة الحرب العراقية ـ الايرانية التي انتهت بما يعرفه الجميع والتي تسببت بتوجيه موارد المنطقة الناضبة للحروب والتدمير بدلا من التنمية والتعمير.

لقد اتخذت الثورة المصرية في الخمسينيات والستينيات ذرائع عدة وشعارات مدغدغة كمحاربة اسرائيل واميركا للدخول لساحات الدول العربية الخلفية وخلق الفوضى فيها واسقاط انظمتها المحافظة، وقد كشف البرنامج الوثائقي «ارشيفهم تاريخنا» الذي بث الجمعة ليلا على قناة الجزيرة ان القيادة الاميركية آنذاك كانت سعيدة بتساقط الانظمة الملكية من قبل الانظمة الثورية ولا يختلف اثنان الآن على مقدار الدمار اللاحق الذي حدث لعواصم الحضارة العربية بعد تغير انظمتها المحافظة.

امر كهذا نشهد مثيلا مطابقا له هذه الايام عبر التدخل القائم من الثورة الايرانية في العراق ولبنان وفلسطين وغيرها بنفس حجة محاربة اميركا واسرائيل، ما ادى مرة اخرى للمصائب والازمات المدمرة في تلك البلدان، ولا اعلم حقيقة كيف يتحدث «البعض» عن تورط اميركا في العراق وهي القادرة على سحب قواتها في اي لحظة دون اضرار عليها، وهي التي لم تزد خسائرها في الجنود خلال اربع سنوات عن خسائر حوادث طرق خلال اسبوع واحد، ولا يتحدث احد عن كم الدمار الماحق الذي اصيب به العراق او لبنان او فلسطين بسبب تلك التدخلات المدمرة في شؤونها الداخلية.

وأحد غرائب الامور هذه الايام ان العرب والمسلمين بدياناتهم وطوائفهم وعناصرهم المختلفة يتعايشون كإخوة واحبة في دول العالم المختلفة كأوروبا واميركا وغيرهما، بينما نرى ونشهد المذابح والاحتقانات بين نفس الطوائف والديانات في منطقتنا العربية دون غيرها، ومما يزيد النار اشتعالا الدور المريب لبعض الفضائيات المحرضة ومعها الكميات المهولة للسلاح والمواد المتفجرة في منطقة لا تصنع رغم كل ما يقال حتى ابرة خياطة واحدة.

لقد أنزلت خارطة المنطقة العربية والاسلامية الكبيرة المعلقة على حائط مكتبتي ووضعت على كل بلد منها شمعة صغيرة او كبيرة حسب حجم البلد المعني، ثم اشعلت الشموع في البلدان المتأزمة حاليا كالسودان والصومال والعراق ولبنان وفلسطين، وبعد لحظة تأمل بدأت بإشعال شموع الدول المقدمة سريعا على ازمات وحروب طاحنة مع المجتمع الدولي او ضمن الداخل او المحيط الجغرافي، فتلألأت الخارطة وزاد تأكدي ان المنطقة مقدمة على فوضى عارمة وعمليات احتراق كبيرة، وقانا الله شر تلك الفتن التي اصبح البعض منا يروج لها في الداخل والخارج بقصد او بدونه.

آخر محطة:
سواء كان التثوير والشعارات المخادعة كمحاربة الاستعمار واميركا تتم تحت رايات القومية كما حدث بالأمس او تحت رايات التأسلم كما يحدث اليوم، فإن الهدف الحقيقي واحد وهو الوصول للسلطة في البلدان المختلفة ولا شيء غير ذلك.

سامي النصف

استجواب عليل وحزب عميل

قبل مدة قصيرة، خط الكاتب الموسوعي السعودي فهد عامر الاحمدي مقالا في جريدة «الرياض» استعان به كعادته بالاحصاءات الدولية للثناء على الخدمة الصحية في الكويت، وقد قرأت ضمن الردود الالكترونية على مقالته والتي جاوزت الخمسين ردا كونه احد الكتاب الاكثر شهرة في المملكة ثناء مماثلا من القراء الذين ذكر البعض منهم توجههم للكويت للعلاج رغم الخدمة الصحية المميزة في المملكة.

لا يختلف احد على ان الخدمة الصحية في الكويت حالها كحال اي دولة اخرى، وعلى رأسها المتقدمة، تحتاج للتطوير والتحسين المستمر، وهو امر تقوم به قيادات الصحة القائمة من وزير ووكيل ووكلاء مساعدين ومدراء مناطق صحية ومدراء مستشفيات واطباء وخدمات طبية مساعدة وغيرهم، وهو امر ما كان حقيقة يحتاج الى استجواب يشغل البلد للوصول له، بل تكفي زيارة يقوم بها بعض النواب الافاضل للمسؤولين لتحقيق ذلك الهدف الخير، فلا احد له مصلحة بتدني مستوى الخدمات الصحية في البلاد، واين منا حكمة النائب السابق محمد احمد الرشيد الذي «استجوب» احد الوزراء في مكتبه بالوزارة؟

حيث طرح عليه الاسئلة وحصل على الاجابة الوافية عليها مع اتفاق على حل المشاكل والمعوقات، وانتهى الامر بالحصول على العنب ودعم الناطور بدلا مما نراه من محاولات لقتل الناطور والدوس على عناقيد العنب.

حزب «التحرير» ومعه حركة المهاجرين هي اسماء لحزب انشأته المخابرات الدولية في الخمسينيات لخدمة اهدافها بسحب البساط من حركة التحرر العربية والاسلامية آنذاك عبر الدعوة لدولة الخلافة كبديل مستحيل للوحدة العربية، وقد كان للحزب موقف مخز من احتلال المقبور صدام للكويت عندما صرح ممثله في لندن عمر بكري بأن احتلال المقبور يطابق الشرع ولا يجوز للكويت الاستعانة بالكفار الاميركان والانجليز لتحريرها، بينما قام عمر بكري الصيف الماضي ومع بدء الحرب الاسرائيلية على لبنان بالتوجه من «الناعمة» في ضواحي بيروت للبواخر الانجليزية لاخلائه من لبنان باعتباره مواطنا انجليزيا، كما اتى في تقرير مراسل جريدة «الشرق الاوسط».

وقد سألت فيما بعد بعض ممثليه من الشباب الكويتيين عما اذا كانوا يوافقون على صحة احتلال المقبور صدام للكويت، وكانت اجابتهم قاطعة بالموافقة، وان الواجب حسب قولهم ان تبقى الكويت ضمن الدولة العراقية للابد، بالطبع وان نقوم نحن والعراقيون بتعديل مسلك المقبور، وقد كتبت اكثر من مقال في حينه حولهم وكان احدها بعنوان «حزب كويتي يؤيد احتلال الكويت»، لذا لا عجب لما نسب بالامس من اقوال لعضو المكتب الاعلامي للحزب العميل، ومنا لدعاة الاحزاب وبلاويها.

ويعتمد ذلك الحزب على آلية الاعلام بشكل محترف، وتفوق قدراته الذاتية، فقد لحظت إبان المظاهرة التي شارك بها مئات الالوف في حديقة الهايدبارك ضد الحرب على العراق عام 2003، ان رجالا اجانب قد قاموا قبل وصول المتظاهرين باحاطة المكان الذي ستلقى به الخطب وتغطية الفضائيات والصحف بعشرات الاعلام واللوحات البرتقالية الفاقعة التي ترفع اسم الحزب الذي لم يكن مؤيدوه يزيدون عن اصابع اليد الواحدة، كما تابعت في الكويت ابان فترة التسعينيات حقيقة ان كل ندوة تقام تعقبها مشاركة من احد الشبان الذي يبدأ حديثه باعلان انتسابه لحزب التحرير، ثم التكلم عكس التيار كوسيلة لجذب الانتباه والدغدغة الرخيصة.

آخر محطة:
التهنئة القلبية للزميلة «الوطن» في عيدها السنوي الذي فاتنا حضوره لوجودنا خارج البلاد، والتهنئة موصولة للزميل د.سعد بن طفلة لصدور العدد الصفر من جريدته اليومية «الآن» التي هي حسب ما اتى على صفحتها الاولى اول صحيفة الكترونية تصدر في الخليج نظرا لأن جريدة «ايلاف» تصدر من لندن.

سامي النصف

الطيور المهاجرة وعبداللطيف الشميس

الشعوب العربية لها أصول واحدة وإن اختلطت دماؤها بشكل رائع وجميل مع الشعوب الأخرى المجاورة والبعيدة، فتعددت أشكال وألوان شعوبنا العربية من البياض الى السمار وحتى السواد، ومعها ألوان الأعين من اللون الأسود الذي في طرفه حور الى البني والأخضر والرمادي وحتى الأزرق الميتاليك.

كما تباينت العادات والصفات والتقاليد، فقد اشتهر ـ على سبيل المثال ـ عن المصريين والسعوديين تاريخيا عدم حبهم للهجرة والأسفار الطويلة، وعكس ذلك عند الشوام بشكل عام، والمغاربة واليمنيين والخليجيين وعلى رأسهم الكويتيون، إلا ان السنوات الأخيرة شهدت تغيرا ملحوظا ببعض تلك الصفات والخصائص.

أما الكويتيون فعكس الشوام والمغاربة واليمنيين، حيث توقفوا عن الهجرة وبدأوا بالتقوقع ضمن المساحة الجغرافية المحدودة لبلدهم، كبارهم قبل صغارهم، وتجارهم قبل معوزيهم، وحتى من فرض عليه عمله السفر للخارج بقي في محيط ضيق لا يختلط فيه بالآخرين، ولا يتنافس مع المتنافسين في الحصول على رزقه خارج وطنه، معتمدا بالكامل على أمه الرؤوم (الحكومة) التي توفر له العيش الرغيد من المهد إلى اللحد في بلده أو خارجه.

وفي زيارتي قبل أيام لقاهرة المعز لحضور معرض الكتاب السنوي وأثناء تجوالي في قلب البلد على بعد خطوات من مكتبتي مدبولي والشرق لفت نظري لافتة كتب عليها «مكتب عبداللطيف الشميس» وتذكرت على الفور ان احدا من الكويتيين كان لا يزور القاهرة في الستينيات دون التنسيق مع مكتبين عقاريين يوفران الفلل والشقق المفروشة للعائلات الكويتية، وهو النهج السائد آنذاك، هما مكتب المرحوم خليفة العسعوسي ومكتب العم عبداللطيف الشميس.

دلفت الى مبنى العمارة وصعدت الى الطابق الثاني لأجد مكتبا فسيحا به موظفون يعملون وسكرتارية ويقوم على رأسه رجل جليل هو العم عبداللطيف الشميس الذي روى مختصرا لقصة حياته التي تستحق ان تكون درسا وعبرة لأجيال ناشئة أصبحت تخشى المخاطرة وتعف عن المنافسة وتبتعد عن المجازفة، معتمدة كليا على مطالب لا تنتهي من الدولة لتوفير الدخل المالي دون عناء ثم بعد الحصول عليه يطالبون بالمزيد منه.

لقد بدأ العم عبداللطيف الشميس عمله التجاري في دبي ثم تاجر مع إيران وأتبعها بالسعودية، ثم استقر عام 1961 وحتى اليوم في مصر الحبيبة، حيث أضاف في حينها لعمله العقاري إنشاء شركة سينمائية اسمها «شميس فيلم» كانت تختص بتوزيع الأفلام المصرية، ومن يتابع أفلام الأبيض والأسود يجد ان كثيرا منها يشير الى ان حق توزيعه في العالم محصور بتلك الشركة او بشركتين اخريين إحداهما كويتية والأخرى للبناني هو صبّاح اخوان، ومازال العم عبداللطيف الشميس مستقرا في القاهرة حتى اليوم يدير منها أعماله بكفاءة واقتدار، حيث يشرف مكتبه على ادارة كثير من الأملاك الخاصة، اضافة بالطبع للأعمال الأخرى المنوطة بالمكتب.

آخر محطة:
كان بإمكان الأميركان والانجليز في العراق ان يتعلموا من الهجرات والغزوات العربية، فقد اشتهر عن العرب عدم مضايقتهم لسكان البلدان الأصليين في سكنهم بل يتم إنشاء مدن بديلة وجديدة يقيمون بها مثل بغداد والقاهرة والفسطاط وغيرها، وهو ما جعل شعوب تلك البلدان لا يتضايقون من القادمين الجدد ولا ينشئون حركات تحرر مقاومة لهم.